كشفت دراسة حديثة أن الحياة على كوكب الأرض بدأت قبل 4.2 مليار سنة، وهي نفس الفترة التي ظهر فيها السلف المشترك العالمي “LUCA”، ما يعني أن الحياة ظهرت للمرة الأولى على الكوكب حين كان ما يزال حديث الولادة.
وأوضحت هذه الدراسة التي نشرت نتائجها في موقع “Science Alert” العلمي، أنه قبل مليارات السنين، كانت الأرض خالية من الحياة، ولكن تغير هذا الحال عندما بدأت بعض الجزيئات الكيميائية تتحرك وتتفاعل فيما بينها، مما أدى إلى نشوء الكائنات الحية الأولى، التي كانت قادرة على استخدام المواد المتاحة للتكاثر والبقاء على قيد الحياة.
وتمكن الباحثون المشرفون على هذه الدراسة، من خلال تحليل جينومات الكائنات الحية اليوم، من تحديد السلف المشترك الأخير “LUCA”، والذي يُعتبر الكائن الأول الذي نتجت عنه كل أشكال الحياة الحالية، مبرزين أنه ظهر منذ حوالي 4.2 مليار سنة، أي خلال المراحل الأولى لتكون الكوكب.
وقالت عالمة الأحياء التطورية ساندرا ألفاريز كاريتيرو، من جامعة بريستول في المملكة المتحدة: “لم نتوقع أن يكون السلف المشترك الأخير “LUCA” بهذا القدم، حيث ظهر بعد مئات الملايين من السنوات فقط من تشكل الأرض”.
وذكرت الدراسة أن الأرض كانت في بدايتها مكانا مختلفا تماما عما هي عليه اليوم، حيث كانت تتمتع بجو سام بالنسبة للبشر والكائنات الحية الموجودة اليوم، فالأكسجين بتركيزه الحالي لم يظهر إلا بعد حوالي 3 مليارات سنة من تكوين الأرض، لكن الحياة بدأت قبل ذلك بكثير، إذ توجد أحافير ميكروبات تعود إلى 3.48 مليار سنة.
ويعتقد العلماء والباحثون أن ظروف الأرض كانت مستقرة بما فيه الكفاية لدعم الحياة منذ حوالي 4.3 مليار سنة.
ونظرا للتآكل والعمليات الجيولوجية والعضوية التي تعرضت لها الأرض، فإن العثور على أدلة على الحياة من تلك الفترة يعد أمرا شبه مستحيل، ما دفع فريق العلماء بقيادة عالم الفروع التطورية إدموند مودي من جامعة بريستول إلى البحث في جينات الكائنات الحية الموجودة اليوم وسجل الأحافير.
واعتمد البحث على على مفهوم يسمى “الساعة الجزيئية”، الذي يساعد على تقدير معدل حدوث الطفرات وعددها لتحديد المدة الزمنية التي انقضت منذ تفرع الكائنات من أسلافها المشتركة.
ولفتت الدراسة إلى أن جميع الكائنات، من أصغر الميكروبات إلى أكبر الفطريات، تشترك في مجموعة من الأمور، مبرزة أن هناك مجموعة شبه عالمية من 20 حمضا أمينيا موجهة بنفس الطريقة، وأن جميع الكائنات الحية تستخدم الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) كمصدر للطاقة في خلاياها.
وقام مودي وزملاؤه في هذه الدراسة بحساب المدة الزمنية منذ أن بدأت خلفاء السلف المشترك الأخير (LUCA) في التباعد، مستخدمين في ذلك نماذج متطورة ومعقدة لمعرفة المزيد عن ماهية L، وكيفية بقائه على قيد الحياة على أرض كانت غير صالحة أبدا لأحفاده.
ووجد الباحثون أن “LUCA” كان شبيها بالبكتيريا، فهو عبارة كائن أحادي الخلية لا يحتوي على نواة، لكنه لا يحتاج الأكسجين، لأن الأكسجين لم يكن بكميات كبيرة في ذلك الوقت؛ مبرزا أن عملياته الأيضية كانت تنتج أسيتات.
وفي هذا الصدد، قال عالم الجينوم التطوري دافيدي بيساني من جامعة بريستول: ” لقد أظهرت دراستنا أن LUCA كان كائنا معقدا، غير مختلف كثيرا عن البكتيريا الحديثة”.
وتابع قائلا: “لكن ما هو مثير حقا هو أنه من الواضح أنه كان يمتلك نظاما مناعيا مبكرا، مما يظهر أن سلفنا كان يخوض معركة مع الفيروسات حتى قبل 4.2 مليار سنة”.
وذكر الباحثون أنه نظرا لأن عملياته الأيضية كانت تنتج نفايات يمكن استخدامها من قبل أشكال حياة أخرى، فمن المحتمل أن تكون الكائنات الحية الأخرى قد ظهرت بعد فترة قصيرة من ظهور LUCA، كما أضافوا أن هذا يشير إلى أن نشوء نظام بيئي كامل قد لا يستغرق وقتا طويلا في التاريخ التطوري لكوكب ما، وهي نتيجة تحمل دلالات تتجاوز كوكبنا الصغير.
وقال عالم الأحياء القديمة فيليب دونوجو من جامعة بريستول: “عملنا يجمع بين بيانات وأساليب من تخصصات متعددة، مما يكشف رؤى عن الأرض المبكرة والحياة، لم يكن من الممكن بلوغها بواسطة تخصص واحد فقط”، وأضاف: “مدى سرعة تشكل النظام البيئي على الأرض المبكرة، يشير إلى أن الحياة قد تزدهر في كواكب أخرى شبيهة بالأرض”.