تحقيق24/
عاد إلى الواجهة النقاش حول ملتمس تشريعي يسعى لمنح الجنسية المغربية لأحفاد وأبناء اليهود المغاربة الذين هاجروا منذ عقود، وذلك بعد مرور أكثر من عام على طرحه. رغم استمراره على البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة، إلا أن الملتمس لم يحصد حتى الآن سوى عدد محدود من التوقيعات، ولم يلقَ دعمًا كبيرًا، خاصة من بعض أعضاء الطائفة اليهودية المغربية.
رفض من داخل الطائفة اليهودية المغربية
جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية المغربية بجهة مراكش-آسفي، أعرب عن رفضه القاطع لهذا الملتمس، معتبرًا أن القوانين الحالية في المغرب تتيح لكل مغربي، بغض النظر عن ديانته، الحصول على الجنسية إذا أثبت أصوله المغربية. وأكد كادوش أن أي تشريع خاص باليهود فقط يعد بمثابة نزعة طائفية لا تتماشى مع مبادئ المساواة. وأوضح قائلاً: “القوانين المعمول بها تسري على الجميع، والمشرع وضع تدابير عملية للجميع دون تمييز”.
وأضاف كادوش أن السلطات المغربية تتعامل بعدالة مع جميع طلبات الحصول على الجنسية، سواء كانت مقدمة من مسلمين أو يهود، مشيرًا إلى إمكانية تحسين الإجراءات لتسهيل العملية، مثل إنشاء مكتب خاص لتخفيف الضغط على المحاكم، لكنه شدد على ضرورة أن تكون هذه التسهيلات عامة وليست مخصصة لفئة معينة.
وكيل الملتمس يدافع عن رؤيته
على الجانب الآخر، الحسين بنمسعود، وكيل الملتمس، دافع بشدة عن موقفه، موضحًا أن الهدف من الملتمس هو تعزيز الروابط بين أحفاد اليهود المغاربة وبلدهم الأم. وأكد أن هذا الملتمس لا يحمل أي نزعة طائفية، بل يعكس رغبة في تقوية العلاقات مع الجالية اليهودية المنتشرة في أنحاء العالم.
وأشار بنمسعود إلى أن عددًا من اليهود الذين هاجروا في أوائل القرن العشرين لم يطلبوا جوازات سفر مغربية، ما يجعل حصول أحفادهم على الجنسية أمرًا معقدًا. وأضاف أن الملتمس يسعى لتجاوز هذه العقبات من خلال تسهيل الإجراءات القانونية.
تأثير التوترات السياسية على الملتمس
في ظل الأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط، وخاصة بعد بداية حرب الإبادة الجماعية التي يقترفها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، أصبح هذا الملتمس محط جدل إضافي. وأوضح بنمسعود أنه تلقى العديد من الاتصالات التي اعتبرت أن الملتمس بات يثير الحرج بسبب تورط بعض اليهود المغاربة المقيمين في إسرائيل في النزاع. إلا أن بنمسعود رفض هذه المقاربة، مؤكداً أن “جميع المغاربة، سواء كانوا داخل البلاد أو في الخارج، يبقون مغاربة”.
المطالب التشريعية المقترحة
الملتمس المقدم إلى مجلس النواب يدعو إلى منح الجنسية المغربية لكل اليهود المغاربة الذين سبق لهم التنازل عنها، بالإضافة إلى أبنائهم وأحفادهم. كما يقترح أن تتولى المحاكم الابتدائية النظر في هذه الطلبات بناءً على آخر موطن للأب أو الجد، مع إمكانية الطعن في القرارات الصادرة.
إلى جانب ذلك، يدعو الملتمس إلى إنشاء لجنة وزارية خاصة لتتبع وتدبير طلبات الحصول على الجنسية، وتوفير تسهيلات لإدماج أبناء وأحفاد اليهود المغاربة في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية في المغرب.
هذا الجدل يعكس تعقيدات الهوية والانتماء في ظل السياقات السياسية والاجتماعية المتغيرة. وفي حين يسعى البعض إلى تعزيز الروابط بين الجالية اليهودية المغربية وبلدهم الأصلي، يظل النقاش محتدمًا حول ضرورة احترام القواعد القانونية التي تطبق على الجميع دون تمييز.