يونس سركوح . تحقيق24
وجه جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مساء الأربعاء خطاباً سامياً إلى الشعب المغربي الوفي، بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء. حمل الخطاب في طياته تأكيداً لثوابت الوحدة الترابية للمملكة، وإشادة بالإنجازات التنموية التي عرفتها الأقاليم الجنوبية، إضافة إلى التقدير الكبير لدور الجالية المغربية في الخارج ومساهمتها الفعالة في دعم قضايا الوطن.
أولاً: ثوابت الوحدة الترابية والشرعية التاريخية
استهل جلالة الملك خطابه بتذكير الشعب المغربي بمكانة المسيرة الخضراء في وجدان الأمة، مشدداً على أن استرجاع الصحراء المغربية هو حدث ذو دلالة عميقة، يجسد إرادة الشعب وارتباطه بوحدة ترابه الوطني. وأبرز الملك الشرعية الراسخة التي يستند إليها المغرب، والتي تقوم على:
الارتباط الوثيق بين سكان الصحراء وملوك المغرب عبر تاريخٍ من البيعة والولاء.
النهضة التنموية والأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما الأقاليم الجنوبية.
الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل عادل ومشروع للنزاع المفتعل.
ثانياً: رسائل صارمة للأطراف المعادية للوحدة الترابية
انتقد جلالة الملك الأطراف التي ما زالت تتشبث بمفاهيم عفا عنها الزمن، مثل الاستفتاء الذي استبعدته الأمم المتحدة، والامتناع عن إحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، واحتجازهم في ظروف مزرية تفتقد للكرامة الإنسانية.
كما نبه الملك إلى أن بعض الدول تستغل قضية الصحراء لتحقيق مكاسب جيوسياسية على حساب الحق المغربي المشروع.
وبأسلوب حازم، أوضح الملك أن التزامات المغرب وشراكاته لن تكون أبداً على حساب وحدته الترابية، مؤكداً استعداد المملكة للمساهمة في مبادرات دولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي في إطار الشراكة والتعاون.
ثالثاً: مطالبة الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها
وجه جلالة الملك دعوة صريحة للأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها وتوضيح الفارق بين الواقع الشرعي الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالمٍ جامد ما زال يعيش في أوهام الماضي.
ويأتي هذا المطلب ضمن رؤية المملكة لتعزيز شرعية موقفها وتأكيده أمام المجتمع الدولي.
رابعاً: إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بشؤون الجالية المغربية بالخارج
أشاد الملك بدور الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مؤكداً على التزامها العميق بوطنها الأم. وفي خطوة تهدف لتعزيز التواصل والتجاوب مع احتياجات هذه الفئة، أعلن جلالته عن قرار إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بشؤون الجالية، عبر:
- مجلس الجالية المغربية بالخارج كهيئة دستورية مستقلة تُعنى بتقديم المقترحات وتمثيل مختلف مكونات الجالية.
- المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج، لتكون الذراع التنفيذي للسياسات الوطنية في هذا المجال، مع تجميع الصلاحيات وتنسيق الاستراتيجيات، وتبسيط ورقمنة المساطر الإدارية والقضائية لأبناء الجالية، وتشجيع مساهماتهم الاستثمارية في وطنهم.
خامساً: الالتزام بالتنمية الشاملة والمستدامة
اختتم جلالة الملك خطابه بتجديد العزم على تعزيز النهضة التنموية الشاملة، التي تضمن استفادة كافة جهات المملكة من ثمار التقدم، من الريف إلى الصحراء، ومن الشرق إلى المحيط.
وأكد الملك أن التضحيات التي قدمها جيل المسيرة الخضراء تحفزنا جميعاً لمواصلة الجهود، وفاءً لروح باني المسيرة، الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، ولأرواح شهداء الوطن الأبرار.
ويمثل الخطاب الملكي وثيقة ذات أبعاد استراتيجية، تؤكد على رؤية المغرب الواضحة لمستقبل وحدته الترابية، وتقديرًا لدور مغاربة العالم في تعزيز هذه الرؤية.
كما يحمل الخطاب رسائل واضحة للمجتمع الدولي والأطراف المعارضة، مع التشديد على أن التنمية الشاملة للمملكة هدفٌ سامٍ يعكس روح الوحدة الوطنية.