بقلم: عبد الرضي لمقدم
لا يختلف إتنان أن العمليات العسكرية والعنف المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط، قد يرتقي الى ج..رائم إب..ادة في حق الشعب الفلسطيني حسب العديد من القانونيين، ولا شك أيضا أن هناك سوء تقدير للذين أشعلوا فتيلها معتقدين أن بإمكانهم جر المنطقة إلى ح..رب مدمرة من خلال ما سمي بتوحيد الساحات، طبعا لقد نجحت في جر الحوثي وحسن نصر الله( بشكل محتشم) و الحشد في كل من العراق واليمن ولبنان، وهؤلاء كلهم يدينون بالولاء والبيعة للفقيه المرشد الأعلى، الشيء الذي تجد فيه إسرائيل كل الذرائع للمضي قدما في مشروعها القاضي بإفراغ قطاع غزة من أهاليها من خلال حرب مدمرة لا تبقي ولا تذر، رغم التكلفة الأمنية والعسكرية و الاقتصادية الباهظة، هذا المشروع الذي من الممكن أنه خطط له بشكل مشترك في إطار التحالف الصوهيوصفوي الغير معلن.
في المقابل، عجز أمريكي، أوربي وعربي مريع جدا ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائلي مما جعل سقف المطالب ينحصر في السماح بإدخال المساعدات، والتوسل من أجل هدنة، وحتى حركة حماس أصبح همها هو انسحاب القوات الإسرائيلية وارجاع الوضع إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر2023، بما يجعل عملية طوفان الأقصى موضوع تساؤل بعد أن دمرت غزة بالكامل، نزوح بعشرات الآلاف، آلاف القتلى والجرحى، والموت يتجول في كل مناطق غزة، ليخرج أبو عبيدة والسنوار من جحورهما في كل مرة ليجترا أسطوانة النصر.
الأمم المتحدة والجامعة العربية في ثنائية العجوز والعاجزة، أثبتتا بالدليل القاطع عدم جدواهما ومعهما منظومة يالطا القديمة 1945 بالكامل، مما يفتح المجال على مصراعيه إلى تعبيد طرق جديدة للتفكير في خلق آليات جديدة لصناعة وتحقيق السلام والأمن الدوليين، خاصة وأن موضوع الساعة يتعلق بالبحث عن سبل ومدارك تحقيق السلام في أرض السلام بعيدا عن أكذوبة القرن المتمثلة في تسويق وهم الدولتين أو الوهم المضاد في ” كل فلسطين” بل لابد من إيجاد حل ثالث يفرضه التاريخ والجغرافيا والأديان والشعوب..
وللإشارة فإن السلام المفقود في أرض السلام، قد تحقق منذ الإعلان الإبراهيمي قبل أربعة آلاف سنة حيث الرمزيات الكثيرة أولها التوقف عن التضحية بالإنسان تحت أي مسوغ كان (إسماعيل عليه السلام) ولذلك سمي عيد الأضحى بالقربان لله وتوقف قتل الإنسان مهما كانت الظروف، وتوديع عقلية حل الخلافات بالعنف والعنف المضاد (قصة ولدي آدم).
لكن وفي نفس الوقت وبعيدا عن العاطفة التي تجتاح المنظومتين العربية والإسلامية، وأمام تزايد الشكوك في أن عملية طوفان الأقصى وردة فعل إسرائيل الغير متناسبة مع حق الدفاع عن النفس، فإنه لابد من وضع النقط عن الحروف بشأن محاسبة المتسببين في هذا الدمار والتقتيل والإبادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، ولا سيما القادة الذين يتخذون القرارات الكارثية على شعوبهم وثروتهم الوطنية، حتى نرسخ في نفس الوقت الانتقال من مربع المغامرة إلى مربع المسؤولية ومن مربع العاطفة إلى مربع العقلنة، وكذا البحث عن مصادر تمويل العملية التي خدمت المشروع الاستعماري الصهيوني أكثر مما خدمت القضية الفلسطينية والتي حولت الصراع من حركة تحرر وطني ومقاومة لها نبالتها وقدسيتها إلى معركة شخصية بين أشخاص في هذا الطرف أو ذاك وتبقى شعوب المنطقة هي حطب ووقود الح..رب التي لن تنتهي في الأمد القريب حتى وإن توصلت الأطراف إلى وقف إطلاق النار…