اختيار غير معتاد.. ما الرسائل التي يحملها مؤتمر حزب “الفيل” لـإقليم اشتوكة؟

tahqiqe24

 

يونس سركوح،

في خطوة لافتة ولا تخلو من دلالة سياسية، يعتزم حزب الحرية والعدالة الاجتماعية، المعروف بـ”حزب الفيل”، تنظيم مؤتمره الجهوي يوم الأحد 22 يونيو 2025 ابتداءً من الساعة الخامسة مساءً، وذلك بمركب حسام بتاسيلا، جماعة ماسة، إقليم شتوكة أيت باها، برئاسة الأمين العام للحزب الدكتور عمر موساوي.

ويأتي هذا الحدث السياسي البارز تحت شعار: “من أجل حرية تنموية عادلة لمدينتنا وجهتنا”، في إطار الدينامية التي أطلقها الحزب على المستوى الوطني، والرامية إلى إعادة بناء جسور الثقة مع القواعد المجالية، وتوسيع دوائر النقاش حول قضايا التنمية والعدالة الاجتماعية.

وسيشكل المؤتمر محطة هامة لتقييم أداء الحزب بالجهة، وتبادل الرؤى بين الفاعلين السياسيين والتنظيميين، في سياق وطني يتّسم بإعادة ترتيب الأولويات السياسية والتنموية على مستوى الجهات.

إلا أن الاختيار الجغرافي لمكان انعقاد المؤتمر يثير أكثر من سؤال. ففي الوقت الذي دأبت فيه معظم الأحزاب الوطنية على تنظيم مؤتمراتها الجهوية بمدينة أكادير، باعتبارها عاصمة جهة سوس ماسة ومركز القرار الإداري والسياسي، اختار “حزب الفيل” أن يتوجه صوب مدينة ماسة، بإقليم شتوكة أيت باها، وهو ما يعتبر قرارًا غير معتاد ومحمّلاً بالرسائل.

لكن يظل السؤال المطروح: لماذا اختار حزب الحرية والعدالة الاجتماعية تنظيم مؤتمره الجهوي بمدينة ماسة، بإقليم اشتوكة أيت باها، بدلًا من مدينة أكادير، عاصمة جهة سوس ماسة؟
سؤال يفرض نفسه في ظل ميل أغلب الأحزاب الوطنية إلى اختيار أكادير لما توفره من مقومات لوجستية وبنية تحتية تستجيب لمتطلبات التظاهرات السياسية الكبرى، فضلًا عن رمزيتها كمركز جهوي وحاضنة لمراكز القرار الإداري والاقتصادي.

وهل يعكس هذا الاختيار رغبة الحزب في كسر مركزية الفعل السياسي، والاقتراب أكثر من مناطق الهامش التي تعاني من الإقصاء التنموي؟ أم أنه يحمل دلالة رمزية تتوخى إعادة الاعتبار للمجالات القروية وشبه الحضرية باعتبارها فضاءات سياسية لها خصوصياتها وساكنتها ومطالبها؟

هذه الأسئلة تفتح النقاش حول التمثيلية المجالية في المشهد الحزبي، ومدى استعداد الأحزاب لتبني رؤية لا تمركزية فعلية تترجم شعارات الإنصاف المجالي والعدالة الاجتماعية على أرض الواقع، لا سيما في مناطق كإقليم شتوكة أيت باها، الذي يُعتبر خزانا سوسيوديمغرافيا حيويا ومجالا فلاحيا استراتيجيا على الصعيد الوطني.

هذه الأسئلة وغيرها تطرح نفسها بقوة، خاصة وأن إقليم شتوكةأآيت باها، ورغم وزنه الديموغرافي والفلاحي والاقتصادي، ظل لسنوات خارج دائرة الضوء السياسي، مع تركز الأنشطة الحزبية الكبرى في أكادير وضواحيها.

ويُنتظر أن يشهد المؤتمر تقديم عروض فكرية وتنظيمية، إلى جانب فتح نقاش مباشر بين القيادة الحزبية والمناضلين، حول سبل تقوية الحضور السياسي للحزب في الجهة، واستشراف دوره في المساهمة في تنزيل النموذج التنموي الجديد.

وفي خضم التحولات التي تعرفها الساحة السياسية الوطنية، يبدو أن “حزب الفيل” يسعى إلى التموقع كفاعل يعيد التفكير في علاقة السياسة بالمجال، ويراهن على الجهات كفضاء للتجديد السياسي والمؤسساتي.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.