اشتوكة أيت باها: فعاليات حقوقية تطالب السيد المفتش العام للدرك الملكي “إدريس أمجرار” بفتح تحقيق.

tahqiqe24

تحقيق24:

تعد ظاهرة تهريب المواد الغذائية المدعمة من الأقاليم الجنوبية إلى إقليم اشتوكة أيت باها وأقاليم مجاورة قضية اقتصادية وأخلاقية مثيرة للقلق. فهي لا تقتصر على تهديد الاقتصاد الوطني فحسب، بل تخل بأمن الأسواق المحلية وتزيد من تعقيد الأوضاع الاجتماعية، لاسيما في المناطق التي تعتمد على هذه المواد المدعمة كداعم رئيسي للأسر ذات الدخل المحدود.

تشمل السلع المهربة مواد أساسية مثل الدقيق والزيت والسكر والحليب المجفف، وهي مواد حيوية تدعمها الدولة في إطار سياستها لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الاقتصادية بين المناطق. تهدف هذه السياسات إلى تمكين المواطنين في الأقاليم الجنوبية من الحصول على احتياجاتهم بأسعار معقولة، بما يسهم في ضمان الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي. إلا أن تهريب هذه المواد وبيعها بأسعار السوق في مناطق أخرى يعيق تحقيق هذه الأهداف، ويؤدي إلى مضاعفة معاناة الفئات الأكثر هشاشة، التي تصبح عرضة لارتفاع الأسعار في الأسواق غير المستهدفة.

إن هذه الظاهرة لا تتوقف عند حدود المواد الغذائية المدعمة، بل تمتد لتشمل سلعًا أخرى مثل الكازوال و”المعسل”، مما يعزز ظهور أسواق سوداء تستغلها بعض الأطراف لتحقيق أرباح غير مشروعة. وتستفيد هذه الشبكات التجارية من فارق الأسعار الناتج عن الدعم الموجه من الدولة، مما يؤدي إلى احتكار السلع وتوزيعها بأسعار غير عادلة، ويشكل عبئًا إضافيًا على الاقتصاد الوطني. من هنا، تتجلى آثار هذه الأنشطة السلبية على آليات السوق العادلة التي تهدف إلى ضمان التوازن الاقتصادي والاجتماعي.

الظاهرة الأكثر إثارة للانتباه تتمثل في طريقة تنفيذ عمليات التهريب، التي تتم غالبًا في أوقات متأخرة من الليل، حيث يجتمع بعض التجار في سياراتهم على جوانب الطرقات لاستلام هذه السلع بعيدًا عن أعين الرقابة. هذه الأساليب غير القانونية تزيد من صعوبة محاربة التهريب، وتساهم في إفلات المخالفين من الملاحقة القانونية.

ورغم الجهود التي تبذلها السلطات المحلية لمكافحة هذه الظاهرة، بما في ذلك حملات رقابية ورفع مستوى الوعي بين المواطنين، لا يزال هذا التحدي يشكل عبئًا على جهود الحكومة في تحقيق التنمية المستدامة وضمان توزيع الدعم بشكل عادل. فالأرباح الناتجة عن تهريب السلع المدعمة تغذي أنشطة غير قانونية، مثل تبييض الأموال عبر استثمارات عقارية مشبوهة، ما يساهم في تضخم الثروات الشخصية على حساب المال العام وحقوق المواطن.

إن معالجة هذه القضية تتطلب خطوات جذرية وعملية، تتضمن تكثيف الرقابة على شبكات التوزيع، وتفعيل العقوبات الرادعة بحق المخالفين، وتعزيز الشفافية في آليات الدعم الموجهة للمواطنين. كما ينبغي تعزيز التعاون بين السلطات المحلية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، لضمان استدامة الحلول المقترحة، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.

في هذا السياق، تطالب فعاليات حقوقية والساكنة المحلية من السيد المفتش العام للدرك الملكي”إدريس أمجرار” تزامنا مع زيارته التفقدية لسوس والسيد القائد الجهوي بفتح تحقيق دقيق في هذا الموضوع. ذلك أن التحقيق الشامل والمحاسبة الصارمة للمخالفين ستسهم في الحد من هذه الظاهرة، وتعزيز الثقة في سياسات الدعم، وحماية الاقتصاد الوطني من تأثيرات الأنشطة غير المشروعة التي تشوه السوق وتؤثر سلبًا على رفاه المواطنين.

إن مكافحة تهريب المواد المدعمة مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية، لضمان تعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وحماية حقوق الفئات المستحقة في ظل نظام دعم محكم يحقق التوازن الاجتماعي في مختلف المناطق.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.