يونس سركوح
تشهد جماعة أيت ميلك التابعة لإقليم شتوكة أيت باها توتراً واضحاً داخل مجلسها الجماعي، عقب طلب تقدم به عدد من الأعضاء إلى رئيس المجلس بتاريخ 10 يونيو 2025، يدعونه فيه إلى عقد دورة استثنائية، بناءً على الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 36 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية. وقد تضمن الطلب خمس نقاط رئيسية، تمثلت في تعديل المادة 44 من النظام الداخلي، والدراسة والمصادقة على اتفاقيتي شراكة تتعلقان بتسيير النقل المدرسي، إحداهما مع اتحاد الجمعيات، والأخرى مع جمعية تيفاوين للتنمية، بالإضافة إلى إلغاء تراخيص استغلال عدد من المحلات التجارية وتحيين كناش التحملات الخاص بها.
رئيس المجلس الجماعي، محمد أسلاوي، أعلن في تصريح لجريدة تحقيقـ24 عن رفضه القاطع لعقد الدورة الاستثنائية، مستندًا إلى كون بعض الأعضاء الموقعين على الطلب صدرت في حقهم أحكام استئنافية نهائية من المحكمة الإدارية الاستئنافية بأكادير عدد 3193/7101/2024 بتاريخ 27 شتنبر 2024، الأمر الذي يسقط عنهم، بحسب قوله، الصفة التمثيلية داخل المجلس، وبالتالي يبطل توقيعاتهم. وأوضح الرئيس أن الدافع الرئيسي وراء هذا الطلب هو تمرير اتفاقية شراكة مع اتحاد الجمعيات، التي توجد حالياً في نزاع قضائي مع الجماعة، وهو ما يجعل، من وجهة نظره، من غير المعقول التعاقد معها أو تفويضها بتدبير مرفق حيوي مثل النقل المدرسي في هذا الظرف.
وفي مراسلة رسمية وجهها الرئيس إلى الأعضاء بتاريخ 13 شتنبر 2024 تحت عدد 458/2024، أوضح أن مكتب المجلس رفض إدراج النقطة المتعلقة باتفاقية الشراكة مع اتحاد الجمعيات ضمن جدول أعمال الدورة العادية لشهر أكتوبر 2024، التي كان مقررًا عقدها يوم الجمعة 4 أكتوبر من نفس السنة، وذلك استنادًا إلى أربع اعتبارات رئيسية، أولها أن الجمعية المعنية توجد في نزاع قضائي مع الجماعة لا يزال معروضًا على أنظار المحاكم المختصة، مما يجعل من غير الملائم قانونيًا وإداريًا تفويضها تسيير المرفق العمومي في هذه المرحلة. ثانيًا، عدم قدرة المجلس على التوصل إلى توافق حول الجهة المؤهلة لتولي هذه المهمة، حيث ناقش المجلس هذا الملف في دورات سابقة، من بينها دورة ماي 2023، ودورة استثنائية في يونيو 2024، وأخرى في غشت 2024، دون تحقيق إجماع بين مكوناته، بسبب تباين الآراء حول الجمعيات التي تتوفر على شروط الشفافية والمصداقية والنزاهة. ثالثًا، يشير التقرير المالي الخاص بتدبير اتحاد الجمعيات لأسطول النقل المدرسي خلال الموسم الدراسي 2022/2023 إلى أن المداخيل الإجمالية للجمعية بلغت 573.356,34 درهم، منها 120.000,00 درهم كدعم من الجماعة، بينما بلغت المصاريف المنجزة 746.778,39 درهم، مما أسفر عن عجز مالي صريح بلغ 173.422,05 درهم، وهو ما اعتبره الرئيس دليلاً على عدم قدرة الجمعية على التدبير الأمثل لمواردها، وفشلًا في التسيير المالي.
وفي المقابل، كشف رئيس المجلس عن تجربة تسيير ناجحة تقوم بها حالياً جمعية المركز للتنمية والثقافة والتعاون، التي تم تكليفها بتدبير أسطول النقل المدرسي خلال الموسم الدراسي 2023/2024، دون أي دعم مالي من طرف الجماعة. وبلغ مجموع المداخيل التي حققتها هذه الجمعية 442.150,00 درهم، بينما بلغت مصاريفها 436.842,36 درهم، ما مكنها من تحقيق فائض مالي بلغ 5.307,64 درهم. وأوضح الرئيس أن هذه النتائج الإيجابية تحققت رغم غياب الدعم، في حين عجز اتحاد الجمعيات عن تحقيق التوازن المالي بالرغم من المساهمة المباشرة للجماعة.
أما الاعتبار الرابع الذي اعتمده مكتب المجلس في رفض إدراج النقطة، فيتعلق بما وصفه بالمطالب المالية غير المعقولة التي تضمنها مشروع اتفاقية الشراكة المقترحة من طرف اتحاد الجمعيات، والتي بلغت قيمتها الإجمالية 560.000,00 درهم، موزعة على 220.000,00 درهم لتغطية نفقات موسم 2022/2023، و340.000,00 درهم كدعم سنوي ابتداء من سنة 2025، وهو ما اعتبره الرئيس طلبًا تعجيزيًا لا يراعي مبادئ ترشيد النفقات والنجاعة المالية، في ظل الإكراهات التي تعرفها ميزانية الجماعة.
وأضاف أن هذا الإصرار من بعض الأعضاء على إعادة إدراج اتفاقية مع اتحاد الجمعيات، رغم كل المؤشرات السلبية، يطرح أكثر من علامة استفهام حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التوجه، خصوصًا وأن جمعية المركز أثبتت كفاءتها في تسيير هذا المرفق الحيوي دون إثقال كاهل الميزانية.
ورغم رفض المكتب لإدراج هذه النقطة، فقد أكد الرئيس في مراسلته أنه تمت الاستجابة للنقاط الأخرى الواردة في طلب الأعضاء، والتي شملت المصادقة على اتفاقية شراكة مع جمعية تيفاوين للتنمية والمجلس الإقليمي، والتداول حول سبل استفادة الساكنة من مشروع التطهير السائل، إضافة إلى توجيه ملتمس إلى رئيس مجلس جهة سوس ماسة من أجل التسريع في إنجاز الطريق الرابطة بين الطريق الإقليمية 1016 ومنطقة بوتابت.
وفي خضم هذا الخلاف الحاد بين مكونات المجلس الجماعي لأيت ميلك، تبقى مصلحة الساكنة، وخصوصًا التلاميذ في المناطق القروية الذين يعتمدون بشكل أساسي على النقل المدرسي، مهددة بالتأثر في حال استمرار هذا التوتر، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى حكامة محلية رصينة، تقود إلى قرارات توافقية وفعالة، تراعي الأولويات الحقيقية دون مناكفات أو حسابات ضيقة.