يونس سركوح،
عبّرت جمعيات المجتمع المدني بدواوير “الحرش” التابعة ترابياً لجماعة بلفاع، بإقليم اشتوكة أيت باها، عن قلقها البالغ إزاء المشاريع الجارية لإنشاء وحدات لتربية الدواجن في مناطق قريبة من التجمعات السكنية، معتبرة أن هذه المشاريع تهدد بشكل مباشر سلامة البيئة وصحة السكان المحليين، وتتنافى مع مقتضيات القوانين البيئية والتنظيمات ذات الصلة بالتعمير والصحة العمومية.
وتهم هذه المشاريع دواوير عدة من ضمنها: امجاض، توفارس، أيت زكارت، عگربان وقصبة سطايح، …. حيث شرعت بعض الجهات في وضع اللبنات الأولى لإنشاء هذه الوحدات دون احترام المسافة القانونية المفروضة بين المنشآت الملوثة والمناطق الآهلة بالسكان، والتي تنص عليها المراسيم التطبيقية لقانون رقم 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة، بالإضافة إلى القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة.
وقد رفعت فعاليات مدنية شكايات رسمية إلى الجهات المختصة بالإشراف على منح التراخيص، مطالبة بوقف هذه المشاريع، التي وصفتها بـ”الضارة”، مشددة على ضرورة إخضاعها لدراسة الأثر البيئي كما تنص على ذلك المادة 6 من القانون سالف الذكر، مع تحميل الجهات المانحة للتراخيص مسؤولية أي ضرر قد يلحق بصحة المواطنين أو تدهور المحيط البيئي.
وأفادت مصادر مطلعة لجريدة “تحقيقـ24” أن بعض هذه المشاريع يقع على مقربة من منطقة سياحية تستقطب هواة رياضة ركوب المنطاد، ما يطرح علامات استفهام حول مدى احترام التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة المجالية، في ضوء مقتضيات القانون رقم 07.03 المتعلق بإعداد التراب الوطني، الذي يوصي بتوجيه الاستثمارات بما يضمن الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي.
في سياق متصل، لا تزال ساكنة المنطقة تعاني من الأضرار الناجمة عن مطرح النفايات المتواجد قرب منطقة سيدي عبو، والذي يسبب أدخنة خانقة نتيجة الحرق العشوائي للنفايات المنزلية التي تُنقل إليه منذ سنوات، دون أي تدخل فعّال من الجهات المسؤولة، ما يشكل خرقاً واضحاً لمقتضيات القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، والذي يمنع الحرق العشوائي ويفرض تهيئة مطارح مراقبة وفق معايير السلامة الصحية والبيئية.
وفي ظل هذا الوضع، دعت الساكنة ومعها مكونات المجتمع المدني السلطات المحلية والإقليمية إلى التدخل العاجل لتفعيل القوانين الجاري بها العمل، ووضع حد لما وصفوه بـ”النزيف البيئي”، مع المطالبة بإيقاف تنفيذ مشاريع تربية الدواجن التي تهدد الأمن الصحي للساكنة، ومعالجة مشكل المطرح العشوائي بطرق قانونية تضمن الحق في بيئة سليمة، كما يقر بذلك الفصل 31 من الدستور المغربي.
كما لوّح عدد من الفاعلين المحليين بخوض أشكال احتجاجية تصعيدية، مؤكدين أن أي تجاهل لصوت الساكنة سيكون بمثابة خرق لحقهم في المشاركة والتشاور العمومي، الذي يعد أحد ركائز الحكامة الجيدة المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية.
وتبقى هذه القضية مفتوحة على كل السيناريوهات، في انتظار تفاعل الجهات المعنية مع هذه المطالب، ضمن ما يكفله القانون من ضمانات لحماية البيئة، وصون كرامة المواطنين وحقهم في العيش الآمن.