مدير النشر: يونس سركوح
في تعليق سياسي ذي طابع تحليلي واستشرافي، اعتبرت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي أن خطاب العرش لهذه السنة شكل لحظة فارقة في مسار التوجيهات الملكية، من خلال اعتماده نبرة تشخيصية دقيقة للواقع، ونظرة استشرافية واضحة للمستقبل، مؤكدة أن البنيات التحتية والإنجازات الاقتصادية، رغم أهميتها، تبقى محدودة الأثر إن لم تنعكس مباشرة على معيش المواطن اليومي.
ورأت الفتحاوي، في تدوينة نشرتها عقب الخطاب الملكي، أن جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، قد قدم خريطة طريق متكاملة للمرحلة المقبلة، تقوم على ثلاث ركائز أساسية: العدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، والتنمية المتوازنة. وهي بمثابة عقد جديد بين الدولة والمجتمع، يضع المواطن في صلب السياسات العمومية، ويعتمد مبادئ الحكامة، وتكافؤ الفرص، والنجاعة في التدبير.
وشددت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية على أن الخطاب الملكي لم يقتصر على استعراض منجزات الدولة، بل تضمن دعوة صريحة إلى القطع مع المقاربات التقليدية في التنمية، واعتماد مشاريع مهيكلة تضمن العدالة المجالية والإنصاف الاجتماعي، وتستجيب لحاجيات الفئات المهمشة، خاصة في العالم القروي والمناطق النائية.
وفي الشق السياسي، أبرزت الفتحاوي إشادة جلالة الملك بأهمية الإعداد الجيد للانتخابات التشريعية المقبلة، ودعوته إلى استكمال المنظومة القانونية المنظمة لها قبل نهاية السنة الجارية، بما يشكل دعوة لجميع الفاعلين السياسيين لتحمل مسؤولياتهم في ضمان شفافية ونزاهة الاستحقاقات، وتعزيز الثقة في المسار الديمقراطي الوطني.
أما على المستوى الإقليمي والمغاربي، فقد توقف خطاب العرش عند أبعاد العلاقة مع الجارة الجزائر، حيث جدد جلالة الملك، وفق ما نقلته النائبة، نداءه الأخوي المسؤول إلى القيادة الجزائرية من أجل تجاوز الخلافات، وفتح آفاق للتعاون المشترك، بما يحقق تطلعات شعوب المنطقة إلى الوحدة والتنمية.
وفي هذا السياق، ذكرت الفتحاوي بتأكيد جلالة الملك على أن الجزائر دولة طرف مباشر في نزاع الصحراء، باعتبارها المسؤولة عن نشأة هذا النزاع وواقع اللاجئين بمخيمات تندوف، ما يجعل مشاركتها ضرورية في بلورة أي حل سياسي توافقي. كما جدد جلالته التأكيد على أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي ما تزال تمثل عرضا سياسيا وقانونيا جديا يحظى بدعم دولي متنام، يشمل عددا من الدول الكبرى.
واختتمت الفتحاوي قراءتها لخطاب العرش بالتأكيد على أن الاستثمار في الإنسان وتكريس كرامته، وليس فقط في البنيات، هو المعيار الحقيقي لنجاح السياسات العمومية، مشددة على أن الخطاب شكل نداء صريحا للنخب السياسية من أجل الانخراط الفعلي في ورش النموذج التنموي الجديد، وتحقيق التغيير الذي ينشده المغاربة قاطبة.