البوليساريو تحتج على مشروع القرار الأمريكي وتلوّح بالانسحاب من المسار السياسي

ياسين لتبات ياسين لتبات

احتجت جبهة البوليساريو برسالة رسمية موجهة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا، على مشروع القرار الأمريكي المتعلق ببعثة المينورسو في الصحراء المغربية، معتبرة أنه “منحاز للموقف المغربي” ويمثل “انحرافاً خطيراً عن مبادئ القانون الدولي”. الرسالة، التي وقعها ممثل الجبهة لدى الأمم المتحدة سيدي محمد عمار بتاريخ 23 أكتوبر 2025، جاءت بعد توزيع المشروع الأمريكي رسمياً على أعضاء المجلس في 22 أكتوبر.

ورفضت الجبهة مضمون المسودة ولوّحت بعدم المشاركة في أي مفاوضات سياسية على أساسها، محذرة من أن تجاهل مطالبها “سيؤدي إلى توتر المنطقة”. هذا الموقف يعكس، وفق متابعين، محاولة للضغط على أعضاء المجلس قبيل التصويت المرتقب على القرار، في وقت تعيش فيه البوليساريو عزلة دبلوماسية وتراجعاً في الدعم الدولي.

في المقابل، تكشف المسودة الأمريكية عن تحول واضح في موقف مجلس الأمن تجاه النزاع، إذ تشدد على دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي ستيفان دي ميستورا، وتؤكد أن الحل يجب أن يكون سياسياً، واقعياً، دائماً ومقبولاً للطرفين. كما تشيد بمبادرة الحكم الذاتي المغربية، واصفة إياها بـ“الأكثر جدية وواقعية وموثوقية” كأساس وحيد للتفاوض، مع الترحيب بالدعم الدولي المتزايد لهذه المبادرة.

وتنص الوثيقة على تمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 يناير 2026، مع دعوة الأطراف إلى استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، وفتح الباب أمام تعديل مهام البعثة أو إنهائها وفق تقدم العملية السياسية، كما تشير إلى دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تعزيز الاعتراف بمغربية الصحراء، معتبرة أن هذا التوجه يدعم جهود التسوية النهائية.

تصعيد البوليساريو، بحسب مراقبين، يؤكد من جهة صحة تسريب مسودة القرار وتوزيعها رسمياً على أعضاء المجلس، ومن جهة أخرى يعكس تخوف الجبهة من تكريس مبادرة الحكم الذاتي كخيار نهائي داخل الأمم المتحدة، في ظل استمرار تراجع التأييد الدولي لأطروحتها الانفصالية وتراجع الدعم الجزائري بسبب الأزمات الداخلية.

بالتوازي، تروج وسائل إعلام جزائرية لخبر عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة استثنائية لمناقشة المشروع الأمريكي، دون تأكيد رسمي من أجندة المجلس، ما يثير الشك حول الهدف من هذه التسريبات ومحاولة التأثير في مسار النقاش الأممي.

أمام هذا الوضع، تجد البوليساريو نفسها أمام خيارين: القبول بمسار سياسي جديد يرتكز على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، أو الاستمرار في التصعيد والعزلة، وهو ما قد يعجل بتثبيت الحل النهائي لصالح المغرب خلال التصويت المرتقب بمجلس الأمن.

اترك تعليقا *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ركن الإعلانات والإشهارات

أبرز المقالات

برامجنا

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.