الخليفة: “أنتَ خاصك نبي بوحدك”.. وبنكيران يرفض مصافحة “عصيد”.

tahqiqe24

يونس سركوح،

أثار موقف كل من عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ومحمد الخليفة، القيادي الاستقلالي السابق، تجاه الكاتب والباحث أحمد عصيد، نقاشًا واسعًا حول حدود الاحترام المتبادل في الساحة السياسية المغربية ومدى تقبل الاختلاف الفكري بين الفاعلين السياسيين والمثقفين.

جاء ذلك خلال لقاء نظّمته مؤسسة “علي يعته” بمقر حزب التقدم والاشتراكية، حيث رفض بنكيران مصافحة عصيد، قائلاً: “ما نسلمش عليك أنت”، بينما وجّه الخليفة إليه تعليقًا أكثر حدة بقوله: “أنت خاصك نبي بوحدك”.

في تعليقه على هذه الواقعة، اعتبر أحمد عصيد أن ما حدث لم يكن ليُستغرب لو صدر عن “مواطنين بسطاء”، لكنه استغرب أن يصدر عن شخصيتين سياسيتين بارزتين، مضيفًا أن “من ينتمي إلى نخبة البلد، وقضى حياته في السياسة دون أن يعرف معناها، يثير الاستغراب حقًا”.

وأشار عصيد إلى أن القضية لا تتعلق فقط بجانبها الأخلاقي، بل تمتد إلى مفهوم السياسة نفسه، معتبرًا أن الرجلين “لا يقبلان من ينتقدهما أو يعارضهما، كما أنهما يخلطان بين السياسة والدعوة الدينية، ويعتبران أن من يخالفهما وجهة النظر شيطان مارق”.

وتعكس هذه الواقعة حالة من الاستقطاب الحاد داخل المشهد السياسي المغربي، حيث لا يزال الجدل قائمًا حول مدى تقبل النخبة السياسية للنقد والاختلاف الفكري. وفي سياق أوسع، يعكس الحدث تساؤلات حول العلاقة بين الممارسة السياسية والخطاب الديني، إذ غالبًا ما تتقاطع المواقف السياسية مع الرؤية الأيديولوجية للفاعلين.

ويرى مراقبون أن مثل هذه السلوكيات، سواء كانت شخصية أم تعكس توجهات سياسية معينة، تؤثر على منسوب الثقة في الفاعلين السياسيين، خاصة عندما تصدر عن شخصيات كان لها دور محوري في تدبير الشأن العام. فالسياسة، كما هو متعارف عليها في النظم الديمقراطية، تقوم على الحوار والانفتاح، وليس على الإقصاء أو رفض الآخر بناءً على خلفياته الفكرية أو مواقفه النقدية.

وفي ظل هذه التفاعلات، يظل السؤال الأهم هو: إلى أي مدى يمكن للنخبة السياسية المغربية أن تؤسس لثقافة سياسية قائمة على قبول الاختلاف والتعددية الفكرية؟ وهل يمكن للسياسة أن تتحرر من التجاذبات الأيديولوجية الحادة التي تعرقل بناء فضاء حواري مشترك؟ يبقى الحدث مجرد واقعة ضمن مشهد سياسي أوسع، لكنه يطرح بوضوح إشكالية جوهرية تتعلق بمستوى النضج الديمقراطي ومدى استعداد الفاعلين السياسيين لاحترام قواعد النقاش السياسي الهادف، بعيدًا عن الشخصنة والتجاذبات العقائدية.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.