يونس سركوح
احتضنت مدينة تيزنيت الأسبوع الماضي، على مدى أربعة أيام، فعاليات الدورة السادسة عشرة من منتدى “تيزنيت تنامورت” في نسخته الثانية بصيغته الجديدة، والمنظم تحت شعار: “الديناميات الثقافية والإبداعية كفرص، والرقمنة كمحرك لتحقيق التنمية والتميز السياحي للمدينة”.
ويعد المنتدى، الذي بات موعدا سنويا بارزا في الأجندة الثقافية للمدينة، فضاء للحوار والتفاعل بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين والثقافيين والاقتصاديين والاجتماعيين، إلى جانب ممثلي المجتمع المدني، من أجل استثمار الثقافة والإبداع في خدمة التنمية المحلية وتعزيز جاذبية المدينة السياحية.

في كلمته الافتتاحية، أكد عبد الله غازي، رئيس جماعة تيزنيت، أن المنتدى يشكل محطة لتجديد العهد مع الفاعلين المحليين وإبراز دورهم في بناء ديناميات تنموية جديدة. وقال إن “منتدى تنامورت هو ثمرة تراكم نوعي يمتد لما يقارب عقدين من الزمن”، مضيفا أن “النسخة الحالية جاءت لتكرس رؤية منفتحة تشمل فاعلين من مجالات متعددة، تجاوزت الإطار الجمعوي الكلاسيكي لتشمل المبدعين والمؤسسات الثقافية والفنية والاقتصادية والاجتماعية”.
وأوضح غازي أن اختيار شعار الدورة يعكس الوعي بأهمية التحول الرقمي في دعم الصناعات الثقافية والإبداعية، مبرزا أن الهدف هو “تحويل الثقافة والفن والإبداع إلى رافعة اقتصادية قادرة على الإسهام في تنشيط القطاع السياحي وتعزيز جاذبية المدينة”.
وتضمن برنامج المنتدى أكثر من أربع عشرة ورشة ولقاء تفاعليا، إضافة إلى عرض حوالي ستين نموذجا من مشاريع الجمعيات المحلية، في تجربة جسدت قيم التشاور والانفتاح والتقاسم بين مختلف الفاعلين المدنيين والمؤسسات الشريكة. كما تميزت الدورة بشراكة دولية مع حركة “الربيع الرقمي” بمدينة مونتريال الكندية، حيث تم تنظيم نشاط مشترك حول الرقمنة، نقل مباشرة إلى منصة المنتدى، بمشاركة طلبة معاهد التكوين والثانويات وعدد من الفاعلين الجمعويين في مجالات التكنولوجيا والإبداع.

وفي الجلسة الافتتاحية، شاركت الفنانة لطيفة أحرار، مديرة المعهد العالي للتنشيط الثقافي والمسرحي والفني، إلى جانب الأكاديمي عمر حلي، الرئيس السابق لجامعة ابن زهر، في نقاش حول الثقافة والفن في زمن التحول الرقمي. وأكدت أحرار أن المنتدى “يمثل تجربة متميزة تجمع بين الثقافة والفن والرقمنة في إطار من الحوار المسؤول”، مشيرة إلى أن اختيار الموضوع “يعكس وعيا متقدما بضرورة تجديد الخطاب الثقافي لمواكبة التحولات التكنولوجية والاجتماعية”.
وأضافت أن النقاش مع شباب المدينة، ومنهم أيمن إدحجي، مؤسس فضاء “البلاند”، “كشف عن طاقات شابة تمتلك رؤية جديدة للتعبير الفني عبر الوسائط الرقمية”، معتبرة أن المنتدى يشكل “منصة لتبادل الرؤى وصياغة توصيات عملية يمكن أن تؤطر السياسة الثقافية المحلية في المستقبل”.
وبهذا الزخم الثقافي والتشاركي، يواصل منتدى “تيزنيت تنامورت” ترسيخ مكانته كأحد الفضاءات المغربية الرائدة في التفكير الجماعي والعمل الثقافي المنفتح، جامعا بين الأصالة والابتكار، ومؤكدا على دور الرقمنة والصناعات الثقافية كرافعتين أساسيتين لتنمية تيزنيت السياحية وتعزيز إشعاعها الوطني والدولي.
