السويد: الآشوريون يجمعون شعوب الشرق والغرب بمعرض نورشوبينغ للكتاب

ياسين لتبات

من السويد/متابعة: عبد الله الفرياضي

 تستعد مدينة نورشوبينغ السويدية لاستقبال الدورة الثانية من معرض الكتاب بين 12 و14 شتنبر 2025، في حدث يترجم روح الكلمة وجوهر المعنى. المعرض، الذي ينظمه المرصد الآشوري لحقوق الإنسان بالتعاون مع المكتبة العامة للمدينة، يأتي هذه المرة تحت شعار “الكتاب يوحدنا: من الشرق إلى الشمال، كلمات تبني جسوراً”، ليجعل من الكتاب أكثر من مجرد صفحات وحروف، بل جسراً يربط بين الثقافات واللغات ويجمع الضفاف البعيدة في فضاء واحد. بعد النجاح اللافت للنسخة الأولى، يُتوقع أن يجمع المعرض هذا العام أعداداً أكبر من القراء والكتّاب والناشرين من السويد وأوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، ليصبح نقطة التقاء للثقافة الشرقية في قلب الشمال الأوروبي.

برمجة ثقافية نابضة بالأنشطة

تتسم دورة هذا العام بتنوع كبير في فعالياتها، حيث يتيح المعرض للزوار اكتشاف كتب عربية وسريانية وكردية، إلى جانب إنتاجات أدبية بلغات مختلفة من شمال أفريقيا والشرق الأوسط، في مشهد يعكس تعدد الهويات وتلاقح الثقافات. وتشمل الفعاليات أمسيات شعرية وأدبية، وورشات للأطفال تقرّبهم من عالم الحكاية والمعرفة، كما تقدم الأنشطة التعليمية والإبداعية فرصة لغرس حب الاطلاع والاكتشاف لدى الناشئة. يخصص المعرض كذلك مساحة للفنون التشكيلية، حيث تتلاقى الكلمة مع اللون، والفكرة مع الصورة، ليخلق فضاءً متكاملاً يعكس روح الإبداع والخيال.

ملتقى للحوار والانفتاح

يمثل المعرض منصة للتبادل الثقافي والتواصل بين الشعوب، ويعكس سعي المنظمين لترسيخ مكانة نورشوبينغ كمدينة ثقافية في شمال أوروبا، مع إبراز الأدب الشرقي وإتاحة فرصة للكتّاب والمفكرين للتفاعل مع جمهور واسع. وفي هذا الإطار، قال جميل دياربكرلي، المدير التنفيذي للمرصد الآشوري ومدير المعرض، إن الهدف هو “جعل المعرض فضاءً للتلاقي بين الثقافات، وتعزيز قيم الحوار والانفتاح في زمن تتضاعف فيه الحاجة لبناء جسور بين الشعوب”. وهكذا، يتحول المعرض إلى أكثر من حدث سنوي، ليصبح رمزاً للقوة الجامعة للكلمة المكتوبة في خدمة التفاهم الإنساني.

رسالة أمل في مواجهة الكراهية

وضمن هذا السياق، أكد المدير التنفيذي للمرصد الآشوري لحقوق الإنسان جميل دياربكرلي، في تصريح له، أن المعرض “ليس مجرد احتفاء بالكلمة، بل رسالة حضارية تؤكد قدرة الثقافة على مد الجسور حيث تفشل السياسة، وأن الحوار هو السبيل الأسمى لمواجهة التعصب والكراهية”. وأضاف: “الشرق الأوسط نسيج غني بالهويات المتعددة، وهذا التنوع قوة حقيقية، وليس ضعفاً”. وختم بالقول إن المعرض يمثل “دعوة مفتوحة للتفاهم والتعايش، ورسالة أمل بأن مستقبل منطقتنا سيبنى على قيم التعددية والاحترام المتبادل“.

ثقافة بلا حدود

وبهذه الشبكة من الأنشطة الثقافية، يتجاوز معرض نورشوبينغ للكتاب مجرد كونه حدثاً سنوياً، ليصبح منصة عالمية تجذب ثقافات متعددة تحت سقف واحد، ويجسد نجاح المجتمع الآشوري في السويد في بناء جسور بين هويته الشرقية وتجربته في الشمال الأوروبي. ويؤكد المعرض أن الثقافة ليست ترفاً، بل هي أداة للتواصل بين البشر، ونافذة على عوالم الفكر والجمال. ومن خلاله، تثبت نورشوبينغ أنها أكثر من مدينة صناعية، فهي فضاء حيّ للتلاقح الثقافي، حيث تتلاقى الإبداعات وتتوحد الكلمات لتؤدي رسالتها في تعزيز التفاهم والانفتاح بين الشرق والشمال، وبين الماضي والحاضر، وبين القارئ والمعنى.

اترك تعليقا *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ركن الإعلانات والإشهارات

أبرز المقالات

تابعنا

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.