يخلد العالم، يوم 27 شتنبر من كل سنة، اليوم العالمي للسياحة، الذي يشكل مناسبة لإبراز دور هذا القطاع كرافعة أساسية للتحول المستدام ولمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة. وتحمل نسخة هذه السنة شعار “السياحة والتحول المستدام”، حيث تستضيف مدينة مالاكا الماليزية الاحتفالات الرسمية.
وفي رسالته بهذه المناسبة، شدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على أن السياحة يجب ألا تُختزل في بعدها الاقتصادي فقط، بل باعتبارها قوة قادرة على إحداث تحولات تخدم المجتمعات، مؤكدا أن النموذج الجديد للقطاع يتطلب استثمارات في التعليم والمهارات، خاصة لفائدة النساء والشباب والفئات الهشة، مع دعم المقاولات الصغيرة وتعزيز العمل المناخي.
من جهته، دعا الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، زوراب بولوليكاشفيلي، إلى الانفتاح على أفكار وأصوات جديدة، مؤكدا أن الاستدامة عبر السياحة تمثل مدخلا لبناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافا.
وفي المغرب، يكتسي الاحتفال بهذه المناسبة بعدا خاصا، إذ يسجل القطاع دينامية متصاعدة، حيث استقبلت المملكة 13,5 مليون سائح خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2025 (+15 في المائة)، مع تحقيق عائدات بلغت 67 مليار درهم إلى غاية يوليوز (+13 في المائة). كما تجاوز عدد الليالي السياحية 20 مليون ليلة (+10 في المائة).
وتؤكد وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أن هذه الحصيلة الاستثنائية تعكس نتائج خارطة الطريق 2023-2026، القائمة على تعزيز الربط الجوي، والاستثمار في البنيات التحتية، وتثمين الرأسمال البشري. وكشفت أن خارطة جديدة للفترة 2027-2030 سترتكز على ثلاث أولويات: التميز التشغيلي، العدالة المجالية، والاستدامة.
كما أبرزت الوزيرة مشاريع مهيكلة مثل إعادة تهيئة المنتزه الوطني لإفران باستثمارات تناهز 733 مليون درهم، إلى جانب برامج “Go Siyaha – نمو أخضر” لدعم النجاعة الطاقية وتدبير المياه، و”القرى السياحية” الموجه لتثمين 16 وجهة قروية.
وفي أفق الاستعداد للاستحقاقات الرياضية الكبرى، يواصل المغرب تعزيز الربط الجوي والإيواء والتكوين، عبر برامج مثل Cap Hospitality وKafaa وCap Excellence، بما يعزز جاذبية المملكة كوجهة سياحية رائدة.
ويظل التحدي الأكبر، وفق الخبراء، هو التوفيق بين الأداء الاقتصادي والبعد البيئي والاجتماعي، عبر التحكم في الضغط على الموارد الطبيعية وضمان إدماج المجتمعات المحلية في سلسلة القيمة السياحية. وهنا يبرز دور التعاونيات النسائية، وبيوت الجبال، والحلول الرقمية في إرساء نموذج مبتكر يوازن بين النمو واحترام القدرة الاستيعابية للمجالات الترابية.