الفن بين التفاهة والالتزام: أخلاق الفنان الحقيقي وجمهور النخبة

tahqiqe24

تحقيق24/ الصحافي يونس سركوح

في ظل التحولات الرقمية السريعة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح للفن وجهان مختلفان، أحدهما يحمل رسالة الالتزام بالقيم والأخلاق، والآخر يميل إلى السطحية والتفاهة لجذب الجماهير. وبين هذين الوجهين، يقف الفنان الأمازيغي محمد المرجان، الذي أثار نقاشًا واسعًا بتدوينته الأخيرة على صفحته الرسمية على فيسبوك، معبّرًا عن استيائه من تفشي محتوى سطحي يسيء لصورة الفن الحقيقي.

يرى المرجان أن العديد من الأشخاص الذين يُطلقون على أنفسهم لقب “فنانين” يعتمدون على محتوى غير هادف، يهدف بالأساس إلى كسب مشاهدات عالية ومتفاعلين كُثر، غير آبهين بالقيمة الفنية أو الرسالة الثقافية التي يقدمونها. ويُشير إلى أن بعض هؤلاء الأشخاص يتجاوزون الحدود الأخلاقية، حيث يتحولون إلى السب والشتم عبر اللايفات والفيديوهات، مما يُفقد الفن مكانته كمجال للإبداع والرقي.

في تدوينته، يُبرز المرجان جانبًا مهمًا من الفن، وهو الأخلاق. إذ يؤكد أن الفن ليس مجرد وسيلة للتسلية والترفيه، بل هو أيضًا مرآة تعكس قيم الفنان وثقافته. بالنسبة له، الفنان الحقيقي هو الذي يلتزم بالأخلاق، ويحترم جمهوره ويُقدّر دوره في المجتمع. حتى لو كان جمهور هذا النوع من الفن أقل من حيث العدد، فإن وعيه وثقافته ترفع من قيمة الفن وتمنحه تأثيرًا أكبر.

واحدة من الرسائل الواضحة في تدوينة المرجان هي تفضيل الكيف على الكم. ففي الوقت الذي يسعى فيه البعض لزيادة عدد متابعيهم ومشاهداتهم بأي ثمن، يرى المرجان أن الأهم هو نوعية الجمهور. جمهور الفن الراقي، على الرغم من قلة عدده، إلا أنه يتميز بالوعي والرقي. ويُعتبر هذا الجمهور هو الدعامة الحقيقية للفن، إذ يتفاعل مع الأعمال الفنية ليس فقط من منطلق التسلية، بل من منطلق الفهم والتقدير العميق للرسائل التي تحملها.

لا شك أن العصر الرقمي قد قدّم فرصًا هائلة للفنانين للوصول إلى جمهور أوسع، ولكنه في المقابل حمل معه تحديات كبيرة. أبرز هذه التحديات هو إغراء الشهرة السريعة عبر تقديم محتوى يتسم بالتفاهة والسطحية. ومع ذلك، يظل الفنانون الملتزمون مثل محمد المرجان مُصرّين على تقديم محتوى يرقى بذوق الجمهور، حتى في ظل الضغوط التي تفرضها متطلبات العصر الحديث.

تدوينة الفنان محمد المرجان فتحت بابًا مهمًا للنقاش حول مستقبل الفن وقيمته في ظل عالم يتغير بسرعة. وبين التفاهة والالتزام، يبقى الفن الأصيل هو ذلك الذي يحترم الجمهور ويقدم له رسائل عميقة تعزز من قيم المجتمع وثقافته. فالفنان الحقيقي، كما يقول المرجان، هو من يظل متمسكًا بأخلاقه وبقيمه، مهما كانت التحديات ومهما كان جمهوره محدودًا.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.