تصدّرت الاستراتيجية البحرية الطموحة للمغرب، التي يجري تنفيذها بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، محور اهتمام “قمة إفريقيا” (Africa Summit) التي نظمتها صحيفة فاينانشل تايمز البريطانية، أمس الأربعاء في لندن، بمشاركة نخبة من القادة الاقتصاديين والمستثمرين العالميين.
وتروم هذه الاستراتيجية ترسيخ موقع المملكة كقطب عالمي في مجالي الملاحة واللوجستيك.
وفي كلمة خلال هذه القمة الرفيعة، قدّمت نسرين إيوزي، مديرة تهيئة ميناء الداخلة الأطلسي، عرضاً مفصلاً حول معالم الاستراتيجية المينائية الوطنية، مبرزة أنها تقوم على رؤية واضحة واستباقية تهدف إلى جعل المغرب مركزاً بحرياً ولوجستياً يربط بين إفريقيا وأوروبا والأمريكيتين.
وأوضحت السيدة إيوزي أن المغرب عمل خلال العقدين الماضيين على بلورة استراتيجية مينائية وطنية متكاملة، ترتكز على تطوير البنيات التحتية، وتحديث أساليب الحكامة، واعتماد التحول الرقمي، ما مكّنه من تعزيز تنافسيته على الصعيد العالمي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتدعيم الاندماج الإقليمي، مع ضمان تحقيق التنمية المستدامة والتوازن الترابي.
وفي هذا السياق، أشارت إلى ميناء طنجة المتوسط باعتباره نموذجاً رائداً في مجال النقل والربط البحري، وركيزة أساسية في شبكة الموانئ المغربية الحديثة.
كما أبرزت المسؤولة أهمية المبادرة الملكية الأطلسية، التي تُعد حجر الزاوية في الاقتصاد الأزرق المغربي، وتجسيداً للرؤية الملكية من أجل بناء فضاء أطلسي إفريقي مشترك ومزدهر. وبيّنت أن هذه المبادرة تسعى إلى تعزيز التعاون البحري بين الدول الإفريقية الأطلسية، وتطوير الربط الطاقي، وإرساء شراكات في مجالات الاقتصاد الأزرق، فضلاً عن تشجيع التكامل المينائي والاستثمار المشترك في الممرات اللوجستية واستدامة الموارد البحرية.
وأكدت إيوزي أن ميناء الداخلة الأطلسي يُعد مشروعاً نموذجياً يعكس إرادة المغرب في إدماج البنيات التحتية المينائية ضمن النموذج التنموي الجديد، مشيرة إلى أن الميناء يشكّل صلة وصل استراتيجية بين المحيط الأطلسي ومنطقة الساحل، ويساهم في دعم الأقطاب الصناعية ومشاريع الطاقات المتجددة والتجارة الإقليمية، فضلاً عن خلق فرص عمل للشباب المحلي.
وشددت على أن هذا المشروع لا يقتصر على بعده الاقتصادي فحسب، بل يجسد رؤية تحويلية شاملة للتنمية، توظَّف فيها البنيات التحتية كأدوات للدبلوماسية والاستدامة والطموح القاري للمغرب.
وتُعد قمة إفريقيا التي تنظمها فاينانشل تايمز منصة بارزة تجمع كبار القادة الأفارقة في مجالات المال والأعمال والسياسة مع مستثمرين وشركاء دوليين، لمناقشة سبل تعزيز الشراكات وتحفيز النمو الاقتصادي في القارة. وقد تطرقت جلسات هذا الحدث إلى مواضيع متعددة، من بينها مستقبل التمويل والتجارة البينية الإفريقية، والاستقرار الإقليمي، والتكنولوجيا المالية، وتأثير التغير المناخي على القطاع الفلاحي.