محمد مسير ابغور
في أعقاب مسيرة احتجاجية نظمها سكان منطقة آيت بوكماز بإقليم أزيلال، ومسيرات مماثلة بإقليم بني ملال بسبب أزمات المياه وغياب آليات الاستماع الحقيقي لمطالب المواطنين، تشهد أقاليم تاونات، شفشاون، والحسيمة تحركات احتجاجية متصاعدة، وسط صمت الوكالة الوطنية لتقنين القنب الهندي، بعد مرور سنتين على إنشائها وتفعيل مقتضيات اشتغالها، وسط غموض يلف الضمانات القانونية المتعلقة بعلاقة الفلاحين بالشركات المشرفة على التسويق.
يعيش الفلاحون في هذه الأقاليم أوضاعا مقلقة بسبب ما يعتبره كثيرون شركات وهمية، تستغل عرق المزارعين من خلال الاستيلاء على محاصيلهم دون أداء مستحقاتهم، بما في ذلك تعويضات الموسم الماضي.
هذا الوضع المتأزم بات ينذر بنسف المشروع برمته، ويهدد السلم الاجتماعي في الدواوير النائية التي كانت قد وضعت آمالا كبيرة على مشروع التقنين كمنقذ اجتماعي واقتصادي، للحد من المجاعة والهشاشة، وثني الشباب عن الهجرة نحو المدن المجاورة.
وفي حال أقدمت وزارة الداخلية والوكالة الوطنية لتقنين القنب الهندي على إجراء جرد دقيق للتعاونيات والرخص المعتمدة، فإنها ستفاجأ – بحسب مصادر من الميدان – بوجود أسماء مستفيدين لا علاقة لهم بالعالم القروي، من بينهم موظفون في قطاعات مختلفة لا يعتمدون على هذه الزراعة كمصدر رزق. هذا ما يجعل أغلب التعاونيات غير مؤهلة للدفاع عن مصالح الفلاحين أو تمثيلهم قانونيًا.
وتفيد معطيات واردة من منطقة غفساي، وامتدادها إلى إقليم شفشاون، أن جمعيات حقوقية رصدت استغلالًا سياسيًا للملف، يتمثل في إنزال مرشحين جدد بدواوير تابعة لتاونات وشفشاون، بهدف إقناع المزارعين بأنهم الحل لأزمة تأخر الأداء. غير أن هذه المحاولة لم تحقق أي نتائج تذكر، في ظل تزايد معاناة المزارعين بسبب تراكم الديون وانعدام البدائل.
مشروع التقنين، إن لم يُواكب بإرادة سياسية حقيقية من طرف المؤسسات العليا، مهدد بالفشل، ما سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ويُرجّح العودة إلى الزراعة غير القانونية، بما تحمله من مخاطر أمنية واستغلال دولي من قبل خصوم الوحدة الترابية للمملكة.
ورغم أن اللبنات الأساسية لإنجاح المشروع وُضعت، إلا أن الشركات المفوضة بالتسويق تواصل الرهان على الربح السريع، ولو على حساب الأمن الاجتماعي، مبررة تأخرها في الأداء بعدم حصولها على ترخيص لتقطير النبتة، واضطرارها لبيعها على شكل مسحوق.