في أجواء يكسوها الاعتزاز والانتماء الوطني، احتضن مقر بيت المغرب بالعاصمة الفرنسية باريس، مساء السبت، احتفالية بهيجة بمناسبة تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى السبعين لعيد الاستقلال المجيد، وهما محطتان مفصليتان في الذاكرة الوطنية المغربية بما تجسدانه من قيم الوحدة والتلاحم بين العرش والشعب.
وجمعت هذه الأمسية، التي نظمتها القنصلية العامة للمملكة بباريس، أفراد الجالية المغربية، من بينهم عدد من قدماء المتطوعين في المسيرة الخضراء، ممن حضروا حاملين الراية الوطنية، مرددين النشيد الوطني والأغاني الوطنية الخالدة التي تمجد مغربية الصحراء، في لوحة تفاعلية تعكس عمق الارتباط بالوطن الأم والولاء الدائم للعرش العلوي المجيد.
وفي كلمة بالمناسبة، أكدت القنصل العام للمملكة بباريس، حبيبة الزموري، أن الحضور المكثف لمغاربة فرنسا يجسد تعلقهم الراسخ ببلدهم، مبرزة الرمزية العميقة لهاتين المناسبتين اللتين “طبعتا إلى الأبد ذاكرة الشعب المغربي، ورسختا وحدته حول عاهله”.
وأشارت الزموري إلى أن تخليد هذه المحطات يأتي هذه السنة في سياق خاص، عقب صدور القرار التاريخي لمجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية، وهو القرار الذي اعتبرته “منعطفاً دبلوماسياً كبيراً” يعزز المكتسبات الوطنية. وأبرزت أن إعلان جلالة الملك محمد السادس يوم 31 أكتوبر عيداً وطنياً جديداً تحت اسم “عيد الوحدة” يحمل دلالات قوية على تمسّك المغرب بقيم التضامن والوحدة الترابية من شمال البلاد إلى جنوبها.
وأكدت القنصل العام أن المسيرة الخضراء ستظل “ملحمة سلمية فريدة قدّمت للعالم نموذجاً في قوة الرابط بين العرش والشعب”، لافتة إلى أن مسار البناء والتنمية الذي أرساه جلالة الملك يترجم رؤية استراتيجية جعلت من الأقاليم الجنوبية مراكز استثمار ونمو واعدة.
كما شددت على أن إحياء هذه المناسبات بباريس يشكل مناسبة لإبراز عمق العلاقات المغربية–الفرنسية، والتنويه بـ”الموقف الثابت والواضح لفرنسا تجاه مغربية الصحراء، كما جرى التأكيد عليه في أعلى مستويات الدولة الفرنسية”، مضيفة أن الجالية المغربية بفرنسا تظل “جسراً حياً بين البلدين وفاعلاً أساسياً في إشعاع صورة المغرب”.
وعرفت الأمسية عرض فيلم وثائقي يستعرض تاريخ المسيرة الخضراء منذ انطلاقتها في 6 نونبر 1975 بمشاركة 350 ألف متطوع استجابوا لنداء المغفور له الملك الحسن الثاني، مروراً بأوراش التنمية الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، وصولاً إلى القرار الأممي 2797 الذي عزز الموقف المغربي.
كما شهدت الاحتفالية تنظيم ندوة فكرية نشّطها الجامعي محمد مريزيقة، قدم خلالها قراءة تاريخية معمقة، أعقبتها شهادات مؤثرة لقدامى المتطوعين، الذين تم تكريمهم في لحظة امتزج فيها الوفاء بوهج الذاكرة الوطنية.