مدير النشر يونس سركوح
في خطوة لافتة تعكس دينامية جديدة في المشهد السياسي المغربي، وجهت النائبة البرلمانية خديجة أروهال، عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالاً كتابيًا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، حول مآل مشروع إحداث دار للشباب بجماعة تارسواط التابعة لإقليم تيزنيت، وهو المشروع الذي تُشرف عليه الجماعة.
اللافت في هذه المبادرة البرلمانية ليس فقط مضمونها الاجتماعي المرتبط بقضايا الشباب والتنمية المجالية، بل السياق السياسي الذي جاءت فيه، إذ إن النائبة تنتمي إلى حزب في صفوف المعارضة، في حين أن رئيس جماعة تارسواط ينتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، ويُعرف بكونه من المقربين من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بينما الوزير المعني بالسؤال، المهدي بنسعيد، ينتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أحد أبرز مكونات التحالف الحكومي.
هذا التداخل الحزبي يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول طبيعة العلاقة بين مكونَي الأغلبية، “الحمامة” و”البام”، ومدى التنسيق الفعلي بينهما في تدبير مشاريع التنمية المحلية، خاصة في ظل ما يبدو تراجعًا في مواكبة بعض المبادرات من قبل القطاعات الحكومية المعنية، وهو ما اضطر نائبة من المعارضة إلى لعب دور الوسيط البرلماني.
فهل نحن أمام مؤشر على فتور خفي في التنسيق بين حزبَي الأحرار والأصالة والمعاصرة داخل الحكومة، أم أن الأمر لا يعدو كونه تعثّرًا إداريًا في تنزيل اتفاقيات ميدانية؟ وكيف لرئيس جماعة محسوب على قيادة الأغلبية أن يجد نفسه مضطرًا للاعتماد على دعم برلمانية معارضة لتسريع إخراج مشروع محلي إلى حيّز التنفيذ، يفترض أن يحظى بدعم سياسي طبيعي من حلفائه الحكوميين؟
من زاوية أخرى، قد يُقرأ هذا التحرك البرلماني باعتباره تعبيرًا عن روح وطنية تتجاوز الاصطفافات، إذ لم تتردد نائبة من المعارضة في تبني قضية تهم ساكنة منطقة لا تسيرها جماعتها السياسية، موجهة بذلك رسائل مزدوجة: أولاً، أن قضايا التنمية لا تقبل التأجيل بسبب الحسابات الحزبية، وثانيًا، أن المعارضة يمكن أن تكون أداة ضغط إيجابية لتصحيح اختلالات الأغلبية أو تعويض ترددها.
وفي انتظار جواب الوزير المعني، يبقى هذا السؤال البرلماني نموذجًا لإعادة تشكيل أدوار الفاعلين السياسيين، حيث قد تنقلب المواقع التقليدية بين معارضة تدافع، وأغلبية تكتفي بالصمت، ضمن مشهد سياسي لا يزال يتلمس طريقه نحو الفعالية والانسجام المؤسساتي.