بعد فاجعتي أسفي وفاس… هل يتجه مهرجان “تيمتار” إلى التوقف احتراما لمشاعر الضحايا؟

تحقيقـ24 تحقيقـ24

مدير النشر : يونس سركوح

ارتفعت حصيلة ضحايا الفيضانات التي شهدها إقليم آسفي إلى 47 حالة وفاة، وفق ما أفادت به مصادر محلية، في حصيلة مؤلمة لا تزال مرشحة للارتفاع، في ظل استمرار عمليات البحث عن مفقودين محتملين. كما جرى تسجيل عدد من الجرحى والمصابين، الذين نُقلوا إلى المستشفيات لتلقي العلاجات الضرورية، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي خلفتها هذه التساقطات الاستثنائية.

وتتزامن فاجعة آسفي مع مأساة أخرى عرفتها مدينة فاس، تمثلت في انهيار عمارتين سكنيتين، مخلفتين بدورهما ضحايا وخسائر مادية جسيمة، في حادث أعاد إلى الواجهة إشكالات السلامة العمرانية، ومراقبة البنايات، ومدى جاهزية المدن لمواجهة المخاطر، سواء الطبيعية أو المرتبطة بالبنيات التحتية المتقادمة.

في خضم هذه الأجواء المثقلة بالحزن، طفا إلى السطح نقاش واسع حول مدى ملاءمة استمرار تنظيم تظاهرات فنية كبرى، من بينها مهرجان “تيمتار”، الذي يُنظم بمدينة أكادير، ويُعد من أبرز المواعيد الثقافية على المستوى الوطني. ويطرح هذا النقاش تساؤلات مشروعة حول البعد الرمزي والأخلاقي لتوقيت الاحتفال، في سياق تعيش فيه مناطق متعددة حداداً فعلياً على ضحايا كوارث أليمة.

ولا يقتصر هذا الجدل على الجانب العاطفي أو الرمزي، بل يمتد إلى نقاش أوسع مرتبط بتدبير المال العام وأولويات الإنفاق العمومي. إذ يرى متتبعون أن الاعتمادات المالية الضخمة التي ترصد لمثل هذه التظاهرات، والتي تقدر بملايين الدراهم، تثير تساؤلات في ظل أوضاع اجتماعية صعبة تعيشها فئات واسعة من المواطنين، خاصة في المناطق الجبلية والنائية، حيث تعاني أسر وأطفال من قسوة البرد والثلوج، وانعدام أبسط شروط العيش الكريم، دون توفر الحد الأدنى من الدعم الكافي.

من منظور أكاديمي، ينظر إلى هذه اللحظة باعتبارها اختبارا حقيقيا للحكامة العمومية، ولمدى قدرة المؤسسات على المواءمة بين الاستمرارية الثقافية والسياحية من جهة، والواجب الإنساني والاجتماعي من جهة أخرى. فقرارات تعليق أو مراجعة برمجة تظاهرة ثقافية في زمن الفواجع لا تختزل في بعدها التنظيمي، بل تحمل دلالات رمزية قوية، تعكس مستوى التعاطف مع المتضررين، واحترام مشاعر عائلات الضحايا، وتعزز الثقة في الفعل العمومي.

وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الرسمية حول أسباب هذه الكوارث، والحصيلة النهائية للضحايا، يبقى السؤال مطروحا حول الكيفية التي ينبغي أن تدار بها مثل هذه اللحظات العصيبة، بما يضمن كرامة الضحايا، ويؤسس لنقاش وطني هادئ ومسؤول حول أدوار الثقافة والفن، وحدود الاحتفال، عندما تتقاطع البهجة مع المآسي الإنسانية.

اترك تعليقا *

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.