يونس سركوح
تعيش جهة سوس ماسة حالة من النقاش المتصاعد حول طريقة تدبير أحد المنتخبين، بعدما أصبحت عبارتا “زرين داري” و”كون هاني” رمزا لوعود تتكرر دون أن تجد مسارا واضحا نحو التنفيذ. فقد تحول الخطاب التطميني إلى مادة للتداول الشعبي، ليس من باب الثقة والاطمئنان، بل من باب السخرية والانتقاد نتيجة غياب النتائج الملموسة على أرض الواقع.
وقد ازدادت حدة الانتقادات في الآونة الأخيرة بعد أن لاحظ عدد من الفاعلين السياسيين والمدنيين أن هذا المنتخب يواصل إطلاق وعود ارتجالية من دون رؤية مؤسساتية واضحة، مما أدى إلى تراكم الإحباط داخل فئات واسعة من الساكنة. ويعتبر كثيرون أن الأسلوب الذي يعتمده لا يرقى إلى مستوى الحكامة الجيدة، ولا ينسجم مع انتظارات المواطنين الذين يطالبون بتدبير فعال، قائم على التخطيط الواضح والإنجاز المحسوس.
ووفق شهادات عدد من المتتبعين للشأن المحلي، فإن هذا المنتخب لا يكتفي بطمأنة المواطنين شفهيا، بل يحول الخطاب السياسي إلى أداة لتهدئة مرحلية بدل أن يكون إطارا للالتزام والمسؤولية. وقد أدى هذا النهج إلى انطباع عام مفاده أن ما يروج من وعود هو “تسويق للكلام” أكثر مما هو برنامج عمل، في غياب أي التزام فعلي بالمتابعة أو التقييم. وهذا ما اعتبره المنتقدون مؤشرا على ضعف في الحكامة وتقدير غير كاف لحجم المسؤولية الموكلة إليه.
وفي ظل هذا التراجع الواضح في منسوب الثقة، يطرح المواطنون سؤالا جوهريا: كيف يمكن لمنتخب فقد رصيده الشعبي أن يتقدم إلى الانتخابات المقبلة، ويقنع الناخبين من جديد بقدرته على تمثيلهم والدفاع عن مصالحهم؟ فالممارسة السياسية، كما تؤكد الأدبيات العلمية، تقوم على الثقة قبل البرامج، وعلى المصداقية قبل الخطاب، وهو ما يبدو اليوم غائبا في التجربة الحالية.
وتزداد أهمية هذا النقاش عند استحضار التوجيهات الملكية السامية الواضحة، التي يدعو فيها جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتكريس الشفافية، وتخليق الحياة العامة، والقطع مع كل الممارسات التي تسيء إلى علاقة المواطن بمؤسسات دولته. وهي توجيهات تشكل مرجعا أساسيا لكل مسؤول يسعى إلى أداء مهامه بروح وطنية عالية، وكفاءة واضحة، والتزام فعلي بخدمة الصالح العام.
وإن جهة سوس — بكل تحدياتها التنموية والاقتصادية — تحتاج إلى خطاب صادق، وبرامج واقعية، ومسؤولين يضعون المواطن في صدارة الاهتمام. أما الاستمرار في نهج الوعود الشفوية غير المؤطرة، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من اتساع فجوة الثقة، وإلى تساؤلات حول جدوى استمرار بعض المنتخبين في مواقع المسؤولية.
وفي المحصلة، يعكس النقاش الدائر اليوم رغبة حقيقية لدى المواطنين في إرساء ممارسة سياسية جديدة، قوامها الشفافية والمصداقية والمحاسبة، بدل الاعتماد على عبارات فقدت تأثيرها ولم تعد تقنع أحدا. فالمواطن ينتظر نتائج، لا تطمينات؛ وبرامج، لا شعارات؛ وإنجازا ملموسا، لا وعودا عابرة.