تحقيق24: هيئة التحرير.
مع إطلالة موسم جديد، تتجه الأنظار إلى مدينة تافراوت، تلك الجوهرة الساحرة بين جبال الأطلس، التي تستعد لاستقبال زوارها من عشاق الطبيعة والتراث. تافراوت، بفرادتها وجمالها الأخّاذ، تعتبر محطة أساسية في رحلة السياح الذين يبحثون عن مغامرة استكشاف الجنوب المغربي بتفاصيله وكنوزه.

بين الحافلات السياحية المخصصة لنقل الأجانب والسيارات الخاصة و”الميني باص”، إضافة إلى الدراجات النارية والكرفانات الأوروبية، تشهد شوارع المدينة وسوقها حركة نشطة مع توافد السياح الذين يمضون أيامهم متنقلين بين واحات تافراوت وسوقها الأسبوعي، ويمتّعون أعينهم بما تقدمه المنطقة من منتجات تقليدية، بدءًا بزيت الأركان وأملو، وصولاً إلى الصناعات الجلدية التقليدية والمجوهرات الفضية الفريدة التي تعكس حرفية سكان المنطقة وثراء تراثهم.

ويعتبر مكتب الإرشاد السياحي بالمدينة بمثابة بوابة لتعريف الزوار بالمواقع التاريخية والطبيعية، كالنقوش الصخرية في دوار تيواضو بجماعة “أفلا إغير ” ودوار تيرمتمات جماعة “إريغ نتهالة” ودوار “إمي أگشتيم” جماعة أملن، والغزالة بدوار “تازكا جماعة تافراوت، وكذلك التكوينات الصخرية الملونة في منطقة “أومركت”، وواحة أيت منصور الخضراء، وأسرار واحات سموكن وتنالت. كل زاوية هنا تحمل حكاية، وكل معلم يروي تاريخاً يستدرج السياح للغوص في عمق الذاكرة المحلية.


وفي إطار تحسين جودة الخدمات السياحية، يلعب المجلس الجماعي دورًا محوريًا في توفير بيئة مريحة وآمنة للزوار، حيث يبذل جهودًا مستمرة لتطوير البنية التحتية وتسهيل تنقل السياح داخل المدينة. يسعى المجلس إلى تحسين جمالية الفضاءات العامة وصيانة الطرق وتوفير اللوحات الإرشادية، مما يعكس التزامه بجعل تافراوت وجهة سياحية متألقة. كما يعمل المجلس على دعم المبادرات البيئية بالتنسيق مع الشركاء المحليين، وتشجيع الفعاليات الثقافية والفنية التي تعزز من إشعاع المدينة، ليكون السياح على موعد مع تجربة سياحية متكاملة.



ورغم بساطة المدينة، إلا أنها تتوفر على بنية تحتية سياحية قادرة على استيعاب تزايد أعداد الزوار، حيث تتنوع الخيارات بين الفنادق المصنفة ودور الضيافة. ويأتي على رأس القائمة فندق “اللوز” بفئة أربع نجوم وسعة 120 سريرًا، فيما تتيح الفنادق غير المصنفة ودور الضيافة الأخرى خيارًا إضافيًا للسياح، مما يرفع الطاقة الإيوائية إلى حوالي 446 سريرًا.


إضافة إلى ذلك، يحمل مهرجان اللوز، أو “عيد اللوز”، أبعادًا ثقافية وفنية تسهم في إبراز الطابع الفريد للمنطقة. ويعد هذا الحدث السنوي مناسبة لاستقطاب السياح من مختلف الجنسيات، إذ يتوافدون للاستمتاع بعروض الفروسية والأكلات التقليدية في حفلات “إدرنان” الشعبية، ويرقصون على إيقاعات “أحواش” الأمازيغية. تستقطب هذه الفعالية السنوية عشاق الثقافة من أواخر فبراير وحتى نهاية مارس، في أجواء تحتفي بالطبيعة وبالتقاليد العريقة للمنطقة.


ولعل ما يميز تافراوت أيضًا هو الجهود المبذولة من قِبل السلطات المحلية لتوفير أعلى مستويات الأمان للزوار، مما يجعلها من أكثر المناطق السياحية أمانًا وراحة. وتتفانى كذلك الشركات المحلية في تقديم حلول صديقة للبيئة، ومن بين المبادرات اللافتة مبادرة شركة “أطلس للصباغة”، التي وفرت آلة متطورة للتخلص من نفايات الكرفانات بشكل آمن يحافظ على البيئة ويحمي الفرشة المائية، إلى جانب توفير نقاط للشحن الكهربائي والتزود بالمياه.


إن مدينة تافراوت ليست مجرد وجهة سياحية، بل هي لوحة فنية تتشابك فيها عناصر الطبيعة بجمالها الخلاب مع التراث الأصيل، لتشكل تجربة مفعمة بالذكريات والمشاهد الخالدة، مؤكدةً مكانتها كجوهرة الأطلس ووجهة استثنائية للباحثين عن سحر الجنوب المغربي.
