حكم قضائي يطيح بمخالفات “الرادار المتخفي”: المحكمة تُبطل محضر سير وتلزم الدولة بإرجاع الغرامة

tahqiqe24

في تطور قضائي بارز، قضت المحكمة الابتدائية بشفشاون بتاريخ 19 مارس 2025، ببطلان محضر مخالفة مرورية تم تحريره بناءً على رصد بواسطة رادار متخفٍ، مع الأمر بإرجاع المبالغ المؤداة من طرف المشتكي وتحميل الخزينة العامة للدولة مصاريف الدعوى، في خطوة قد تشكل منعطفاً في التعامل القضائي مع هذا النوع من المخالفات.

وتعود تفاصيل القضية إلى توقيف محامٍ مسجل بهيئة تطوان من قِبل عناصر الدرك الملكي، بتهمة تجاوز السرعة القانونية على إحدى الطرق الوطنية. غير أن المعني بالأمر طالب بمعاينة صورة المخالفة ومكان تثبيت الرادار، وهو ما لم يُستجب له، ما دفعه إلى الطعن في صحة المحضر أمام المحكمة.

واستند دفاع المشتكي إلى أن المعاينة لم تتم بشكل مباشر من طرف محرر المحضر، بل استندت إلى معطيات مصدرها دركي آخر كان متخفياً وأرسل البيانات عبر وسيلة اتصال داخلية دون أن يُذكر اسمه أو صفته في المحضر، ما يُعد مخالفة صريحة للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن تحرير محضر مخالفة المرور يتطلب المعاينة المباشرة من طرف الجهة المكلفة، وأن الاعتماد على معلومات صادرة عن مصدر غير مُصرّح به يُفقد الوثيقة قيمتها القانونية، مشيرة إلى أن احترام الضوابط الإجرائية يشكل شرطاً أساسياً في صحة المحاضر.

وبناءً عليه، قررت المحكمة إلغاء المحضر واعتباره غير ذي أثر قانوني، في حكم يُعد سابقة من شأنها التأثير على أساليب ضبط مخالفات السير المعتمدة، ولا سيما الرادارات المتخفية التي كثيراً ما تُثير الجدل في الأوساط القانونية والحقوقية.

ورغم أن الحكم يخص حالة فردية، فإن مراقبين يعتبرونه مؤشراً على إمكانية مراجعة آليات مراقبة السرعة بالمغرب، بما يضمن احترام مبدأ المعاينة المباشرة، ويعزز الشفافية وضمانات المحاكمة العادلة.

تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الابتدائية بورزازات سبق أن أصدرت حكماً مماثلاً، قضى بإلغاء محضر مخالفة سرعة، بعد التأكد من أن الرادار استند إلى مراسلات عبر تطبيق “واتساب” دون إشراف مباشر من محرر المحضر.

ويُتوقع أن يُعيد هذا النوع من الأحكام طرح تساؤلات قانونية حول مشروعية الرادارات المتخفية، وضرورة إخضاعها لرقابة صارمة تضمن حماية الحقوق الدستورية للمواطنين واحترام مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.