اختتم منتدى مستقبل حوض المتوسط أشغاله بمدينة غرناطة الإسبانية بجلسة ختامية متميزة، ألقى خلالها السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب المغربي، كلمة أكد فيها على أهمية تقوية الشراكات الأورومتوسطية واستعادة الدور المحوري للمنطقة في المشهد الدولي، داعياً في الآن ذاته إلى تبني مواقف حازمة تجاه القضايا المصيرية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وفي مستهل كلمته، عبّر الطالبي العلمي عن شكره العميق لرئاسة المنتدى وللسلطات المحلية بإقليم غرناطة على حسن التنظيم والاستقبال، موجهاً تحية تقدير إلى الملك فيليب السادس على تشريفه أشغال المنتدى بحضوره في الجلسة الافتتاحية، معتبراً مدينة غرناطة رمزاً للتعايش والتنوع الحضاري الذي ميز المنطقة المتوسطية عبر قرون.
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن اللقاء ينعقد في ظرف إقليمي حرج، يتسم بتصاعد وتيرة العنف والدمار في قطاع غزة والضفة الغربية، مبرزاً أن النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي لا يزال يشكل العائق الأكبر أمام قيام فضاء أورومتوسطي آمن ومزدهر. وفي هذا السياق، جدد التأكيد على الموقف الثابت للمملكة المغربية الداعي إلى تسوية عادلة ودائمة تُمكِّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مشدداً على أن حل الدولتين هو الأفق التاريخي والوحيد المقبول والممكن.
كما استعرض الطالبي العلمي أبرز التحديات التي تم تناولها خلال المنتدى، من اختلالات مناخية وهجرات متزايدة إلى قضايا الشباب والنساء وتحديات الإرهاب والنزعات الانفصالية. وأكد في هذا الصدد على ضرورة التمسك بالقانون الدولي والمواثيق الأممية، مشيراً إلى تجربة المغرب الرائدة في إدارة الهجرة المنظمة في إطار الشراكة مع إسبانيا، فضلاً عن مشاريع مبتكرة لمواجهة الجفاف مثل تحلية المياه باستخدام الطاقات المتجددة.
ودعا المسؤول البرلماني إلى تجاوز مرحلة إعلان المبادئ نحو التفعيل العملي للالتزامات الدولية، مؤكداً أن الفضاء الأورومتوسطي يملك من التاريخ والتقاليد والدبلوماسية والحكمة ما يؤهله لاستعادة موقعه كقطب إشعاع حضاري وإنساني. ولفت إلى أن الرهان اليوم يجب أن ينصب على بلورة مواقف موحدة وواضحة من قبل البرلمانات المتوسطية، خاصة في ما يتعلق بقضايا وحدة الدول وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وفي ختام كلمته، جدّد الطالبي العلمي التزام مجلس النواب المغربي بمواصلة العمل من أجل ترسيخ الشراكة الأورومتوسطية، مذكّراً بالإمكانات الهائلة التي تزخر بها القارة الإفريقية وما توفره من آفاق واعدة للتعاون والتكامل، مشدداً على أن حلول الكثير من مشاكل الشمال توجد في الجنوب، وخاصة في إفريقيا، التي وصفها بـ”قارة المستقبل”.
المنتدى اختتم أعماله وسط دعوات صريحة لإعادة ترتيب الأولويات الإقليمية والانخراط الجماعي في مشاريع تنموية تعزز السلم والاستقرار والتعايش بين ضفتي المتوسط، في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة تتطلب حكمة سياسية وشجاعة في اتخاذ القرار.