زيارة ماكرون إلى المغرب… تهدئة دبلوماسية أم شرارة لغضب الإعلام الجزائري؟

tahqiqe24

تحقيق24: يونس سركوح

في خطوة تعتبر جزءاً من الدبلوماسية الطبيعية وتعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن زيارة مرتقبة إلى المغرب، هدفها دعم التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين. ورغم أن الزيارة تأتي في سياق تقارب دولي معتاد، أثارت هذه الخطوة موجة من الانتقادات والتحريض في الإعلام الجزائري، حيث تحولت الشاشات والصحف المحسوبة على النظام الجزائري إلى منصات للهجوم على المغرب، واصفةً هذه الزيارة بعبارات تعكس غضباً غير مبرر تجاه حدث يخص السيادة المغربية والعلاقات الدولية.

غضب إعلامي في الجزائر… أسباب وتفسيرات

تأتي هذه التغطيات الإعلامية العدائية في الجزائر كجزء من نمط متكرر بات معروفاً، حيث يتعامل الإعلام الجزائري مع أي خطوة مغربية دولية على أنها تهديد مباشر للجزائر. يرى المراقبون أن هذا السلوك يعود إلى عدة عوامل، أولها شعور بعض الجهات الجزائرية بالتهديد نتيجة التحركات الدبلوماسية المغربية التي تبرز تميزها ونجاحها على الصعيد الدولي. يُضاف إلى ذلك القضايا التاريخية العالقة بين البلدين، خصوصاً قضية الصحراء التي تشكل الملف الأكثر حساسية في العلاقات المغربية الجزائرية، إذ يعتبر النظام الجزائري دعم المغرب لمواقفه الدولية والإقليمية نجاحاً يربك حساباته.

الدبلوماسية المغربية… هدوء في وجه التصعيد

في المقابل، يواصل المغرب التزامه بنهج دبلوماسي قائم على الاحترام المتبادل وحسن الجوار، مع التركيز على تعزيز العلاقات البناءة مع دول العالم. وتظهر الدبلوماسية المغربية تماسكاً ورزانةً أمام حملات التشويه والتحريض، إذ لا تدخل في ردود فعل مشابهة، بل تحافظ على خطاب متزن بعيد عن التصعيد. ويعتبر المغرب أن هذه الزيارات، مثل زيارة ماكرون، هي جزء من رؤيته لتحقيق استقرار وتعاون إقليمي، خاصةً وأن فرنسا شريك اقتصادي وثقافي مهم للرباط، ولا تخرج زيارته عن سياق تطوير المصالح المشتركة، بعيداً عن أي توجه عدائي تجاه دول الجوار.

مواقف إعلامية متباينة… بين التهدئة والتصعيد

يمكن القول إن الإعلام الجزائري المدفوع من الأوساط العسكرية يسعى جاهداً لاستثمار أي حدث يتعلق بالمغرب لتوجيه الأنظار بعيداً عن الأوضاع الداخلية في الجزائر. يواجه النظام الجزائري تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، ويسعى الإعلام لإشغال الرأي العام بقضايا خارجية كنوع من التهرب من الأزمات المحلية. وفي هذا الإطار، تأتي الحملة الإعلامية الأخيرة محاولةً لصرف الأنظار عن المشاكل الداخلية، ومنها مطالبات الشعب الجزائري بتحسين ظروف المعيشة والمزيد من الحريات السياسية.

المغرب وفرنسا… شراكة مستمرة تتحدى التأويلات المغرضة

رغم التحريض المتواصل من بعض الجهات، تظل العلاقات المغربية الفرنسية قوية ومبنية على تعاون استراتيجي عميق يربط بين البلدين منذ عقود. فالمغرب وفرنسا يتشاركان مصالح اقتصادية وثقافية وثيقة، وهو ما ينعكس في زيارة ماكرون التي تؤكد متانة هذه العلاقات بعيداً عن أي تأثيرات سلبية من محاولات التشويه الإعلامي. ويرى المتابعون أن مثل هذه الزيارات تساهم في تعزيز التعاون في قضايا حيوية تشمل الاقتصاد والأمن ومكافحة الإرهاب، وهي ملفات يراها المغرب وفرنسا ذات أولوية مشتركة.

ختاماً… المغرب نموذج للاستقرار الدبلوماسي

بينما ينهمك الإعلام الجزائري في تصعيد لا طائل منه، يبقى المغرب نموذجاً للاستقرار والتوازن في سياسته الخارجية، مجسداً صورة دبلوماسية تسعى للبناء لا الهدم. فالسياسة الخارجية المغربية تعكس إرادة شعبية قوية ودعماً ملكياً لنهج يقوم على التعاون المثمر، بينما يواجه النظام الجزائري تحدياً داخلياً أساسه التوفيق بين متطلبات الداخل وتجنب الأزمات الخارجية.

يظل المغرب متمسكاً بسيادته وبحقه في إقامة علاقات دولية مستقلة، بينما يواصل النظام الجزائري نهج الهجوم الإعلامي الذي لا يزيد سوى في كشف أزماته البنيوية، ويؤكد أن حملات التشويه لم تؤثر في مسار المغرب، بل أظهرت الفرق الشاسع بين سياسة بناءة وأخرى تحاول الهروب من أزماتها عبر خلق عداوات مصطنعة.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.