شهدت المملكة المغربية منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش قبل ستة وعشرين عاما مسارا إصلاحيا شاملا غير البنية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، مرتكزا على جعل المواطن في صلب السياسات العمومية. فقد شكل ورش الحماية الاجتماعية أحد أبرز التحولات البنيوية، من خلال تعميم التغطية الصحية والدعم المباشر للأسر، في خطوة تستهدف محاربة الفقر والهشاشة وتوفير شبكة حماية اجتماعية شاملة تراعي حقوق الفئات الأكثر هشاشة.
هذا الالتزام الاستراتيجي بالحماية الاجتماعية ترافق مع إطلاق برامج تنموية طموحة لتوفير فرص العمل وتحسين ظروف العيش، مما يعكس رؤية شاملة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الكرامة للمواطن المغربي. كما واصلت المملكة تنفيذ مشاريع تنموية واسعة النطاق شملت بناء المدارس والمستشفيات والمرافق الأساسية، وتقليص الفوارق المجالية، في انسجام مع مراجعة الإطار القانوني للأسرة بما يعزز حقوق المرأة ويدعم استقرار الأسرة.
وعلى المستوى الاقتصادي، قاد الملك محمد السادس نهضة نوعية متمحورة حول النموذج التنموي الجديد الذي يقوم على تنويع القاعدة الإنتاجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني. وقد تم تنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى في قطاعات صناعة السيارات والطائرات والطاقات المتجددة، إلى جانب تطوير شبكة متكاملة من البنى التحتية العصرية تشمل الطرق السيارة، خطوط القطارات فائقة السرعة، والموانئ ذات المعايير الدولية.
وشملت هذه النهضة أيضا مشروع الجهوية المتقدمة، الذي ساهم في توزيع المشاريع التنموية بشكل أكثر عدلا بين الجهات، مع تعزيز الاستثمارات العمومية وتطوير المرافق والخدمات المحلية. وقد أسهمت هذه الإصلاحات في خلق بيئة اقتصادية أكثر جاذبية للاستثمار، ورفع القدرة التنافسية للمملكة إقليميا ودوليا.
ويعد ورش تعميم الحماية الاجتماعية أحد أعمدة الرؤية التنموية للملك محمد السادس، إذ يهدف إلى تعميم التأمين الصحي الإجباري والتعويضات العائلية، إضافة إلى دعم الأسر في مواجهة المخاطر الاجتماعية من خلال تعويضات فقدان الشغل وتوسيع نظام التقاعد. وتؤكد هذه الخطوات التزام المغرب ببناء مجتمع أكثر عدلا وإنصافا، قادر على تحقيق التنمية المستدامة وضمان الكرامة لجميع المواطنين.
وبفضل هذه الإنجازات، رسخت المملكة المغربية أسس تحول اجتماعي واقتصادي شامل يضعها على مسار الارتقاء إلى مصاف القوى الصاعدة، معتمدة على قاعدة صلبة من الإصلاحات والمشاريع الاستراتيجية التي امتدت إلى جميع ربوع البلاد خلال أكثر من ربع قرن.