تحقيقـ24 – محمد المطاعي
بنية تحتية مهترئة بالوحدات المدرسية في جماعات دائرة أولاد عمران في انتظار تعميم مدارس الريادة
أطلقت وزارة التربية الوطنية قبل سنتين خطتها لإصلاح منظومة التعليم، وفق أهداف وغايات معلنة، ومناهج وتصورات منهجية تروم تجويد التعلمات والارتقاء بجودة التمدرس. غير أن الفجوة بين التوجهات المركزية والواقع الميداني لا تزال تتسع بشكل صارخ، كما هو الحال بجماعات دائرة أولاد عمران التابعة لإقليم سيدي بنور. ففي الوقت الذي تتجه فيه الوزارة إلى تعميم نموذج “مدارس الريادة” كأداة استراتيجية لإصلاح التعليم، تواجه العديد من الوحدات المدرسية في هذه المنطقة ظروفًا بنيوية متردية، لا تضمن الحد الأدنى من شروط التمدرس اللائق، فضلًا عن تحقيق الجودة والابتكار.
واقع تعليمي مأزوم… وشروط غير تربوية
تشهد مؤسسات التعليم بالعالم القروي في أولاد عمران وضعًا مزريًا يتمثل في:
- حجرات دراسية متهالكة، بعضها من البناء المفكك، وأخرى إسمنتية ضيقة المساحة، لا تقي من حر الصيف ولا برد الشتاء؛
- نقص حاد في المرافق الصحية، أو انعدامها الكامل في بعض الوحدات؛
- غياب الربط بالكهرباء والماء الصالح للشرب في عدد من المدارس؛
- انعدام السكن الوظيفي للأطر التربوية، مما يحدّ من استقرارهم المهني والاجتماعي؛
- المسافة البعيدة ووعورة المسالك، خاصة خلال فصل الشتاء، ما يعمّق معاناة التلاميذ والأساتذة على حد سواء.
في ظل هذه الأوضاع، يتحول الالتحاق بالمدرسة إلى مغامرة يومية، بدل أن يكون حقًا مضمونًا وميسرًا لكل الأطفال.
مدارس الريادة… شعار يسبق الاستعداد
لا خلاف حول أهمية نموذج “مدارس الريادة” كخيار استراتيجي للنهوض بجودة التعليم، غير أن تنزيله على أرضية هشة، كما هو الشأن بالمجموعات المدرسية في جماعات أولاد عمران، يفرغ المشروع من مضمونه. فكيف يمكن الحديث عن تعميم الريادة:
- داخل حجرات دراسية بلا نوافذ؟
- في مؤسسات تفتقد لأبسط التجهيزات المعلوماتية والتكنولوجية؟
- في غياب مرافق أساسية مثل المرافق الصحية، فضاءات التربية البدنية، المطاعم المدرسية وغيرها؟
إن الريادة تتطلب فضاء تربويًا لائقًا ومحفزًا، لا مجرد إدماج صوري للموارد الرقمية على الورق.
إصلاح من القاعدة وليس من القمة
إذا كانت الوزارة تتوخى فعلاً إنجاح هذا الورش الوطني الطموح، فعليها أن تنطلق من القاعدة، لا من القمة. فلا يمكن تحقيق الإنصاف المجالي والتربوي دون استثمارات جادة وملموسة في:
- بناء حجرات دراسية جديدة ومعالجة مشاكل البناء المفكك؛
- توفير مرافق صحية لائقة، خاصة بالعالم القروي؛
- تجهيز المؤسسات بالحواسيب وربطها بشبكة الإنترنت؛
- إشراك الجماعات الترابية في عمليات الصيانة والتأهيل المستمر.
لا ريادة بدون عدالة مجالية
إن ما تعانيه الوحدات المدرسية بجماعات أولاد عمران ليس استثناءً، بل هو نموذج مصغّر للتفاوتات العميقة بين التخطيط المركزي والواقع المحلي. وإن تعميم نموذج الريادة دون مراعاة العدالة المجالية في التوزيع والتأهيل، لن يؤدي سوى إلى تعميق الفوارق التعليمية والاجتماعية.
فهل تلتفت المديرية الإقليمية للتعليم إلى عمق الإشكال قبل أن تسارع إلى تعميم نموذج تنقصه الأرضية الحقيقية للنجاح؟