سير حتال غدا وجي..

tahqiqe24
بقلم: ذ.ياسين لتبات

رغم التحولات الرقمية والمشاريع الإصلاحية التي أطلقتها الدولة المغربية لتحسين خدمات المرفق العمومي، ما تزال مظاهر التباعد بين الإدارات العمومية تعيق بشكل واضح مصالح المواطنين وتُربك سير المعاملات الإدارية اليومية.
ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون الإدارات جسماً متكاملاً يعمل بتناغم وتنسيق، نجدها في الواقع مشتتة، تُحيل المواطن من مصلحة إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى أحياناً، للحصول على وثائق أو استكمال ملفات كان بالإمكان تدبيرها داخلياً.
هذا التباعد لا يقتصر فقط على غياب التنسيق الرقمي، بل يتجلى أيضاً في غياب تقاسم المعلومة بين المؤسسات، وافتقاد روح التعاون بين الإدارات رغم وجود نصوص تنظيمية تدعو إلى ذلك.
فمثلاً، لا تزال بعض الإدارات تطلب وثائق رسمية يمكنها الحصول عليها بشكل مباشر من إدارات أخرى، كعقود الازدياد أو الشواهد الإدارية، ما يفرض على المواطن لعب دور “ساعي بريد” بين مؤسسات الدولة.
ومن الأسباب الرئيسية لهذا الواقع، نذكر ضعف تفعيل مبدأ “الإدارة الرقمية” وغياب قاعدة بيانات موحدة وآمنة تُسهم في تقاسم المعلومات بين المرافق العمومية، إضافة إلى غياب التحفيز الإداري والرقابة الفعالة على جودة الخدمات.
وتُجمع مختلف التقارير الوطنية، بما فيها تقارير المجلس الأعلى للحسابات، على أن تجاوز هذا التباعد يمرّ عبر اعتماد حلول رقمية شاملة، وتفعيل الربط المعلوماتي بين المصالح، وتكوين الموارد البشرية في مجالات التواصل والتدبير العصري، بما يضمن إدارة عمومية فعّالة ومُتجاوبة مع حاجيات المواطنين.
وفي انتظار تفعيل حقيقي لمبدأ “الإدارة المواطنة” التي تضع المواطن في صلب اهتمامها، سيبقى المواطن المغربي في رحلة شاقة بين أبواب إدارات عمومية، لم تتجاوز بعد منطق “كل يغني على ليلاه”.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.