شجرة الأركان: من معاناة النساء إلى قوة اقتصادية تضخ الحياة في القرى وتغري المستثمرين

tahqiqe24

تحقيق24: يونس سركوح،

شجرة الأركان ليست مجرد شجرة تقليدية بل هي رمز للثروة الطبيعية التي يمتلكها المغرب، وهي تجسد العلاقة العميقة بين الإنسان والبيئة. في الجنوب المغربي، حيث تكثر غابات الأركان، تحولت هذه الشجرة إلى مصدر رئيسي للدخل وفرصة اقتصادية هامة للعديد من سكان المناطق القروية. هذا التحول الكبير أصبح جزءاً أساسياً من التنمية المستدامة بفضل المشاريع التي تعنى بالاستفادة من هذه الشجرة الفريدة، وأبرزها التعاونيات النسائية التي تركز على استخراج زيت الأركان وتحويله إلى منتجات غذائية وجمالية.

في هذا السياق، لعب مهرجان “ظلال أركان” الذي انعقد في قرية “تيمولاي”، دوراً مهماً في تسليط الضوء على الدور الاجتماعي والاقتصادي لشجرة الأركان. المهرجان الذي احتضن فعاليات متعددة بما في ذلك يوم دراسي حول التغيرات المناخية، شكل فرصة ثمينة للخبراء والباحثين والمستثمرين لمناقشة سبل تعزيز الاستفادة المستدامة من هذه الشجرة. وأتاح المهرجان فرصة للتأكيد على أن شجرة الأركان لا تمثل فقط مورداً طبيعياً فريداً، بل تمثل أيضاً ركيزة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

من خلال التعاونيات النسائية، استطاعت شجرة الأركان أن تُحدث تحولاً في حياة العديد من النساء في القرى النائية. بعد أن كانت شجرة الأركان تشكل مورداً محدوداً، أصبحت الآن مصدراً هاماً لفرص العمل التي تتيح للنساء تحصيل دخل ثابت يحسن من ظروفهن المعيشية ويعزز من استقلالهن الاقتصادي. المساهمة الكبرى لهذه التعاونيات تكمن في فتح آفاق جديدة للنساء لتطوير مهاراتهن وتنمية مشروعاتهن الصغيرة التي تساهم في تحسين مستوى حياتهن وحياة أسرهن.

وفي الوقت ذاته، أصبح قطاع الأركان يجذب الانتباه على الصعيدين المحلي والدولي. المنتجات التي يتم الحصول عليها من شجرة الأركان، وخاصة زيت الأركان، تشهد طلباً متزايداً في الأسواق العالمية بفضل فوائدها الصحية والتجميلية. هذا الاهتمام الكبير ساعد على جذب المستثمرين الذين يرون في قطاع الأركان فرصة لتحقيق أرباح مادية وتنمية اقتصادية للمناطق التي تنتج هذا الزيت الثمين.

لكن، رغم هذه النجاحات، تواجه شجرة الأركان تحديات عديدة تتعلق بالتغيرات المناخية التي تهدد بتقليص مساحات الغابات التي تحتضنها، مما يستدعي تكاتف الجهود لحمايتها. وفي هذا السياق، يأتي دور مهرجان “ظلال أركان” في رفع الوعي حول أهمية الحفاظ على هذه الشجرة، وحث كافة الأطراف المعنية على تبني سياسات زراعية مستدامة تضمن استمرار هذا المورد الثمين للأجيال القادمة.

مهرجان “ظلال أركان” ليس مجرد حدث احتفالي، بل هو منصة حيوية للنقاش حول كيفية الاستفادة المثلى من شجرة الأركان، وكيفية ضمان استدامتها في ظل التحديات المتزايدة. بفضل هذه الفعاليات، تتضح أمام الجميع الرؤية المستقبلية لكيفية تحقيق توازن بين الاستفادة الاقتصادية وحماية البيئة، مما يجعل شجرة الأركان أكثر من مجرد شجرة، بل رمزاً للتنمية المستدامة والتمكين الاجتماعي.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.