شواطئ المضيق تتحرر من العشوائية… والمواطنون يعبرون عن ارتياحهم

tahqiqe24

 

محمد مسير أبغور

بعد سنوات من المعاناة مع مظاهر العشوائية والاحتلال غير المشروع، استطاعت السلطات المحلية بجماعة المضيق أخيرًا أن تستعيد السيطرة على الشواطئ، محررة إياها من سطوة فئة ظلت تستغل الملك العمومي البحري دون وجه حق، ما كان يُنغّص على المواطنين والزوار متعة الاصطياف والراحة.

وبات اليوم بإمكان الساكنة والسياح والزوار الاستمتاع بجمالية الشاطئ ونقائه، دون مضايقات أو ابتزاز أو توتر نفسي كان يرافقهم سابقًا مع كل زيارة للمرفأ أو الشاطئ، وسط تساؤلات لا تنتهي حول مدى قدرتهم على الاستجمام في أمان.

السلطات المحلية بالمضيق رفعت التحدي، ويبدو أنها عازمة على الحفاظ على هذا المكتسب، عبر منع أي استغلال نفعي أو سياسي لهذا الفضاء العمومي الحيوي، الذي ظل لسنوات مصدر دخل غير مشروع للبعض، وورقة انتخابية رابحة للبعض الآخر.

وقد أعادت هذه الخطوة للمواطنين حقهم الطبيعي في الانتفاع بشواطئ وطنهم، وخاصة بشاطئ المضيق الذي يُعد من أبرز الوجهات الصيفية بالمملكة. ذلك أن المواطن يدفع من ماله ضرائب موجهة للجماعة والدولة من أجل ضمان التعليم، والصحة، والأمن، وحرية التنفس في فضاءات عمومية نظيفة وآمنة.

لكن الواقع ظل لفترة طويلة مخالفًا لذلك، حيث كانت شواطئ المدينة تُسلّم لأشخاص لا يقدمون سوى الإساءة لجمالية المكان واحتقار الضيوف، بدل استثمار هذه الفضاءات سياحيًا وتنظيمها بطريقة تليق بصورة المدينة.

الفئة التي تم تجريدها من احتلال الشواطئ كانت تجني مداخيل خيالية دون أي حسيب أو رقيب، متناسية أنها تستغل الملك العام البحري وليس ملكية خاصة، وأن الرمال والبحر والهواء حقوق جماعية لكل المواطنين.

وقد لقيت هذه المبادرة استحسانًا واسعًا لدى الرأي العام المحلي، الذي عبّر لأول مرة عن شعوره بأن شاطئ المضيق بات فعلاً ملكًا للجميع، بفضل قرار السلطات المدعوم من المواطنين. وهو ما يضع الجماعة أمام مسؤولية الاستمرار في هذا النهج، والاحتكام للقانون وكناش التحملات، في حال تم فتح باب “كراء المظلات” بشروط واضحة، وليس احتلال الشاطئ وتحويله إلى فضاء مغلق.

وحسب مصادر مطلعة من داخل الجماعة، فإن أغلب الرخص المتعلقة بالشواطئ تعود في الواقع إلى أشخاص بعينهم، تُمنح لهم بأسماء مختلفة، تقف خلفها لوبيات وسماسرة انتخابات، يتحكمون في الشواطئ ومواقف السيارات ويخضعونها لمزايدات مالية كلما اقترب فصل الصيف، في إطار اقتصاد ريعي عمره أكثر من ربع قرن.

هذه الشبكة، حسب نفس المصدر، لا تُعرف لدى العموم، إذ يتخفى أعضاؤها وراء المقاهي والتجمعات، ويقدّمون أنفسهم كفاعلين في المدينة من خلال توزيع مناصب الشغل الموسمية على بعض الشباب، وتحريضهم على السلطات بدعوى البطالة والحاجة. بينما لا يتجاوز عددهم العشرين شخصًا، يتحكمون في عملية توزيع الرخص، تمامًا كما يحتكرون الصفقات وطلبات العروض داخل الجماعة.

اليوم، يقود هؤلاء تحركات سرية لتأجيج الأوضاع عبر رسائل مضللة للشباب مثل: “سيروا وقفوا فالباشوية والعمالة، حنا فالجماعة باغين، ولكن السلطة ما باغياش”. في تجاهل تام لدور الجماعة في البحث عن مستثمرين، وتحقيق التنمية وتقليص الفوارق، وليس تكريس حلول موسمية مبنية على الريع والزبونية.

إن العمل الانتدابي لا يُقاس بعدد الرخص التي تُوزع، بل بقدرة المجالس المنتخبة على إيجاد حلول مستدامة تُعيد للمدينة وجهها السياحي والحضاري، وتصون كرامة أبنائها وزوارها.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.