كشفت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عن توجهات الصندوق المغربي للتقاعد في ما يخص سياسته الاستثمارية، مسلطة الضوء على الطابع الاستراتيجي للمشاريع العقارية التي ينخرط فيها، خاصة على مستوى محور الرباط – الدار البيضاء، حيث يتم استثمار جزء مهم من الأرصدة الاحتياطية في قطاعات حيوية تشمل الصحة، التعليم، العدل، والمرافق الإدارية.
جاء ذلك في معرض جوابها عن سؤال كتابي تقدم به المستشاران البرلمانيان علوي لبنى وخالد السطي، عن فريق الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بشأن استثمارات الصندوق في المجال العقاري.
وأوضحت الوزيرة أن الصندوق، باعتباره مؤسسة تدير نظامي التقاعد المدني والعسكري، إلى جانب نظام تكميلي اختياري يعتمد على مبدأ الرسملة، يتصرف في أرصدة احتياطية تمثل جزءًا جوهريًا من التوازن المالي طويل الأمد لهذه الأنظمة.
وأفادت بأن الرصيد الاحتياطي لنظام المعاشات المدنية بلغ في نهاية سنة 2024 ما يناهز 58.8 مليار درهم كقيمة محاسبية، مقابل 70.12 مليار درهم كقيمة تداولية، وهو ما يعكس تحقيق قيمة مضافة غير محققة تفوق 11 مليار درهم، مما يعكس حسن تدبير الأصول واستقرار العائدات الاستثمارية.
ورغم أن الاستثمار العقاري لا يمثل سوى 1.15% من إجمالي استخدامات الصندوق، فإن الوزيرة أكدت أن هذا الاستثمار يستهدف أصولًا عقارية نوعية تم إدماجها ضمن هيئات التوظيف الجماعي العقاري، المحدثة بموجب القانون رقم 70.14، والتي تتميز بارتباطها بعقود إيجار طويلة الأمد مع الدولة، ما يوفر مستوى عاليا من الأمان ومردودية شبه مضمونة لهذه الاستثمارات.
وتشير الأرقام إلى أن هذه العقود تمثل ما يناهز 18.81% من الاستخدامات الإجمالية للصندوق، ما يدل على الوزن المتزايد لهذا التوجه الاستثماري ضمن محفظة الأصول.
وفي الفترة الممتدة ما بين 2019 و2024، بلغ حجم الاستخدامات الموجهة إلى هذه الهيئات العقارية حوالي 11.12 مليار درهم، موزعة على سبع هيئات يتم تدبيرها من قبل ست شركات معتمدة لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل، وهو ما يعكس انخراط الصندوق في إطار حكامة مالية تخضع لمعايير السوق ومراقبة مؤسساتية.
كما أكدت الوزيرة على أن هذا النوع من التدبير المهني للاستثمار العقاري يتيح مزايا متعددة، من بينها تحسين سيولة هذه الأصول عبر فتحها أمام مستثمرين مؤسساتيين آخرين، إلى جانب تحسين مردودية العائدات من خلال إمكانية اللجوء إلى التمويل عن طريق الاقتراض.
وعلى الرغم من تركيز جزء كبير من هذه الاستثمارات في محور الرباط – الدار البيضاء، شددت الوزيرة على أن الصندوق يحرص على توزيع جزء من استثماراته العقارية في مختلف جهات المملكة، من خلال مشاريع موجهة لقطاعات الصحة والتعليم والعدل، فضلاً عن مشاريع تهم المراكز الاستشفائية الجامعية وكليات الطب والصيدلة.
ويعكس هذا التوجه رغبة الصندوق المغربي للتقاعد في اعتماد منطق الاستثمار المستدام والموجه إلى البنيات التحتية ذات المنفعة العمومية، ما يربط بين مردودية الأرصدة وواجب المساهمة في التنمية الترابية والاجتماعية، في انسجام مع التوجهات الكبرى للنموذج التنموي الجديد ومعايير الاستدامة التي أصبحت تمثل ركيزة أساسية في تدبير الأموال العمومية ذات الطابع الاحتياطي.
ومع هذه المؤشرات، تطرح هذه الاستثمارات تساؤلات حول مدى قدرة الصندوق على التوفيق بين تحقيق العائد المالي وضمان العدالة المجالية في توزيع المشاريع الاستثمارية، خاصة في ظل التفاوتات الجهوية التي ما تزال تؤرق السياسات العمومية، رغم الجهود المبذولة في تعميم البنيات التحتية الاجتماعية في كافة جهات البلاد.