على إيقاع دعم فلسطين .. حزب “المصباح” يحاول استعادة بريقه الغائب

tahqiqe24

يونس سركوح،

في ظل سياق سياسي داخلي متغير وتراجع ملحوظ في حضوره الانتخابي، افتتح حزب العدالة والتنمية أشغال مؤتمره الوطني التاسع صباح اليوم السبت، وسط مشهد تداخلت فيه رسائل الدعم للقضية الفلسطينية مع محاولات ترميم البيت الداخلي واستعادة البريق السياسي الذي خفت خلال السنوات الأخيرة.

ورغم تحقيق النصاب القانوني منذ الساعات الأولى، بحسب ما أعلنه رئيس المؤتمر جامع المعتصم، فإن الجلسة الافتتاحية حملت مؤشرات واضحة على حجم التحديات التي يواجهها الحزب، بدءًا من الغيابات البارزة لعدد من قياداته التاريخية ووزرائه السابقين، وصولاً إلى ملامح الفتور في بعض تمثيليات الحضور السياسي.

ففي وقت اختار فيه حزبا التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مقاطعة الجلسة الافتتاحية، على خلفية عدم توجيه الدعوة لقيادتيهما، عززت بعض الأحزاب المعارضة حضورها، في مقدمتها حزب التقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري. كما سجل حزب الاستقلال حضوره عبر شخصيات وازنة أبرزها علال العمراوي وامحمد الخليفة، وإن اقتصرت مشاركة حزب الأصالة والمعاصرة على تمثيلية محدودة.

على الضفة الأخرى، برزت بشكل جلي بعض الكراسي الفارغة داخل بيت “المصباح”، حيث غاب الأمين العام السابق سعد الدين العثماني وعدد من الوجوه الوزارية التي طبعت تجربتي الحزب الحكوميتين، مثل المصطفى الرميد، وعزيز رباح، ونجيب بوليف، والحبيب الشوباني، وغيرهم، بينما حضر بشكل لافت وزير التعليم العالي الأسبق لحسن الداودي، ومحمد يتيم وزير الشغل والإدماج الاجتماعي الأسبق.

وفي مقابل هذا المشهد الداخلي المعقد، تصدرت القضية الفلسطينية واجهة المؤتمر، لتحضر بقوة كشعار حاول الحزب من خلاله استعادة جزء من خطابه الهوياتي وثوابته السياسية. فقد امتلأت القاعة بالأعلام الفلسطينية والشعارات الرافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة، والمنددة بالتطبيع، وسط ترديد حماسي لشعارات من قبيل: “المغرب وفلسطين شعب واحد مش شعبين” و”الشعب يريد إسقاط التطبيع”.

واستقبل المؤتمر ضيوفًا من خارج المغرب أكدوا على مكانة الحزب في الدفاع عن القضية الفلسطينية، من بينهم العالم الموريتاني محمد الحسن ولد الددو، الذي شدد على أن لا مزايدة على مواقف العدالة والتنمية في هذا الملف، إضافة إلى ممثلين عن حركة النهضة التونسية، الذين نددوا باعتقال راشد الغنوشي، مع الإشادة بتجربة المغرب السياسية، كما حضر نائب رئيس حزب الرفاه الجديد من تركيا.

لم يعد المؤتمر التاسع لحزب العدالة والتنمية مجرد محطة تنظيمية، بل تحول إلى اختبار حاسم لإعادة تعريف موقع الحزب في المشهد السياسي المغربي، بعد انتكاسة انتخابية قاسية ومرحلة مراجعة داخلية مستمرة.

وفي الوقت الذي يسعى فيه الحزب إلى تجديد شرعيته النضالية عبر بوابة القضايا الوطنية الكبرى وعلى رأسها دعم فلسطين، تفرض التحديات المركبة نفسها بإلحاح، في مقدمتها الحاجة إلى ترميم الصف الداخلي وإعادة الثقة إلى قواعده، واستعادة جزء من قاعدته الانتخابية، وتجديد خطابه السياسي بما يستجيب لمتغيرات الساحة الوطنية.

وبين مشهد الشعارات الحماسية وصمت بعض المقاعد الخالية، يخوض حزب “المصباح” مسارًا دقيقًا بين الوفاء للثوابت والتكيف مع واقع سياسي متحول، في محاولة لاستعادة بريقه الغائب وإعادة صياغة حضوره السياسي بروح جديدة.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.