فضيحة السراغنة .. تفاصيل قضية احتجاز مرضى نفسيين، وسط اتهامات بالإتجار بالبشر.

tahqiqe24

أعلنت السلطات الأمنية بإقليم السراغنة عن تفكيك شبكة مشبوهة تورطت في احتجاز 19 مريضًا نفسيًا وعقليًا داخل ضيعة زراعية بدوار الطواهرة، التابع لجماعة الشعرا بدائرة العطاوية. وجاءت هذه الخطوة عقب تحريات دقيقة قادها المركز القضائي للدرك الملكي بإشراف قائد المركز حكيم دويش، حيث تم توقيف ثلاثة مشتبه بهم، وهم صاحب الضيعة وابنه وممرض يعمل بقطاع الصحة، ووضعهم رهن الحراسة النظرية للتحقيق في تهم قد تشمل قانون مكافحة الاتجار بالبشر.

القضية تفجرت بعد أن أعيد شاب يبلغ من العمر 28 عامًا إلى أسرته بإقليم سيدي بنور في حالة صحية حرجة، إثر احتجازه لمدة عام ونصف داخل الضيعة. وأوضحت والدة الشاب أنها دفعت مبالغ مالية شهرية لقاء “رعاية” ابنها، لكن حالته الصحية المتدهورة عند عودته أثارت شكوكًا دفعتها للتحرك. وفي تطورات أخرى، تقدمت أم من تطوان بشكوى تفيد بحرمانها من رؤية ابنها المحتجز بالمكان ذاته، مما أضاف مزيدًا من التعقيد إلى القضية.

تحريات السلطات كشفت عن أن المحتجزين، الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و52 عامًا، كانوا موزعين على تسع غرف في منزل مكون من ثلاثة طوابق داخل الضيعة، ومقيدين بالسلاسل في ظروف غير إنسانية. الشبكة كانت تحصل على مبالغ تتراوح بين 2000 و3000 درهم شهريًا من عائلات المرضى، مما يثير التساؤلات حول نشاطها الذي استمر لفترة طويلة دون تدخل.

وفي تصريحات للناشط الحقوقي مصطفى زروال، الذي كان له دور في كشف خيوط هذه المأساة، تم التأكيد على أن الضيعة لم تكن تكتفي باحتجاز المرضى، بل وردت معلومات عن وجود مكان آخر يُحتجز فيه نساء لاستغلالهن جنسيًا، فضلًا عن ادعاءات بالاتجار بالرضع بعد ولادتهم. كما أشار زروال إلى أن هذه الممارسات غير القانونية كانت تُدار بشكل “منظم وسري”، محذرًا من احتمال وجود مواقع أخرى مشابهة.

التحقيقات أظهرت أيضًا أن الممرض الموقوف، الذي يعمل بأحد المراكز الصحية بتطوان، كان وسيطًا رئيسيًا بين عائلات المرضى وصاحب الضيعة، حيث يُنسق عبر الهاتف لترتيب نقل المرضى. المحتجزون خضعوا للخبرة الطبية بمستشفى الأمراض العقلية والنفسية بقلعة السراغنة لتقييم حالتهم الصحية والنفسية.

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع العطاوية ـ تملالت) أصدرت بيانًا نددت فيه بهذه الممارسات، مطالبةً بفتح تحقيق شامل حول ملابسات القضية ومحاسبة جميع المتورطين، بما في ذلك الوسطاء والمتسترون على هذه الجرائم. كما شددت الجمعية على ضرورة تعميق البحث للكشف عن أماكن احتجاز أخرى محتملة وضمان حماية الضحايا وكرامتهم.

وتأتي هذه القضية لتسلط الضوء على إشكالية الأمراض النفسية والعقلية في المغرب، وغياب حلول كافية لعلاج المرضى ورعايتهم، مما يدفع بعض الأسر إلى اللجوء إلى أماكن مشبوهة. وطالب الناشطون الحقوقيون الدولة بتوفير الدعم اللازم لهذه الفئة، وتكثيف الجهود الأمنية لمنع تكرار مثل هذه الجرائم.

من المقرر أن يتم تقديم الموقوفين أمام النيابة العامة باستئنافية مراكش بعد انتهاء التحقيقات التمهيدية. وستحدد النيابة التهم الموجهة إليهم بناءً على النتائج الأولية للتحقيقات، في انتظار كشف كافة أبعاد هذه الشبكة المشبوهة.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.