تحقيق24/محمد المطاعي
في ليلة الخميس الماضي، شهدت مدينة الجديدة حادثة أثارت جدلاً واسعاً بين الصحافة وحقوق الإنسان، حيث تورطت شخصيات سياسية وحقوقية وصحافية في واقعة أحدثت ضجة كبيرة داخل سيدي بنور وخارجها. بدأت الحادثة حينما غادر “حميد يفيد”، المستشار الجماعي عن حزب العدالة والتنمية ورئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المال العام، مقر موقع إلكتروني بعدما شارك في برنامج حواري. وبمجرد مغادرته، انتشر مقطع فيديو يوثق مشهداً لمحاصرة رئيس العصبة ومنعه من مغادرة المكان، بزعم ضرورة الحصول على تصريح يخص قضية محلية مثيرة تعرف بـ “ثروة الشريف”.
وفقاً للفيديو، شهد المكان تجمعاً لعدة أشخاص، من بينهم مقاول معروف ونجل رئيس العصبة، حيث وقع تدافع كلامي وجسدي. وفي تصريحات “حميد يفيد”، أكد أنه قام بتسجيل الواقعة في سجل المداومة للشرطة بمدينة الجديدة، وأعرب عن نيته التوجه للقضاء بهدف كشف ملابسات الحادثة وتحقيق العدالة. في صباح اليوم التالي، توالت ردود الفعل من الأطراف المعنية. فقد أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بياناً تضامنياً مع رئيسها الوطني، حيث وصفت الحادثة بـ “الشنيعة وغير المهنية”، وأكدت رفضها لأي تصرفات صحافية “تفتقر إلى الأخلاقيات المهنية”.
كما أصدرت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية في سيدي بنور بياناً تضامنياً مع المستشار “حميد يفيد”، داعية إلى فتح تحقيق قضائي نزيه، وأكدت دعمها الكامل له في هذه القضية. ومن جهة أخرى، عقد الصحافي المعني بالحادثة ندوة صحافية وصف فيها الواقعة بأنها جزء من عمله المهني في البحث عن إجابات تخص موضوعات طرحها رئيس العصبة. إلا أنه اتهم رئيس العصبة ونجله بتعنيفه وإصابته بكدمات على ذراعه، لكنه لم يقدم توضيحات بشأن وجود المقاول المعروف وبعض أصدقائه، بمن فيهم منتخب عن حزب الاستقلال، أثناء وقوع الحادث. وتثير هذه الواقعة العديد من الأسئلة التي تستدعي التدقيق. ما هو دور المقاول المعروف في القضية؟ وهل كان وجوده في المكان مجرد صدفة أم أن له علاقة بأهداف تتجاوز العمل الصحافي؟ كيف يمكن تفسير هذا التداخل بين الصحافة وحقوق الإنسان والمصالح الشخصية؟ .
وتبدو القضية، من خلال تعقيداتها، شاهدة على التداخل بين العمل الصحافي والحقوقي، خصوصاً عندما تتشابك الشخصيات والمصالح. وعلى الرغم من تصاعد الجدل حول الحادثة، يبقى السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة هو إجراء تحقيق شفاف ينصف جميع الأطراف المعنية ويعيد الثقة إلى المشهدين الإعلامي والحقوقي في المنطقة. إن تطور الأحداث ووصول القضية إلى القضاء سيشكلان اختباراً جاداً للمؤسسات المختصة، حيث يبقى الأمل في أن تتم معالجة القضية بعيداً عن التأويلات والانحيازات، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على القيم الأساسية للصحافة وحقوق الإنسان.
للتذكير: يظل موقع “تحقيق24” ملتزمًا بنقل الأحداث بمهنية وموضوعية، مع فتح المجال للتعليق من جميع الأطراف المعنية لتوضيح مواقفها.