تحقيق24: فؤاد الشافعي،
في مواجهة التساؤلات المتزايدة حول التسربات المائية والروائح الكريهة المنبعثة من محطة معالجة المياه العادمة بمدينة قصبة تادلة، قمنا بمعاينة ميدانية شاملة لرصد مكامن الخلل وتوضيح الأهداف والآليات التي تعتمدها هذه المنشأة.
تُعد محطة قصبة تادلة الثالثة من نوعها بجهة بني ملال-خنيفرة، بعد محطتي الفقيه بن صالح وبني ملال. وتهدف هذه المنشأة إلى معالجة المياه العادمة المنزلية والصناعية، في إطار رؤية شاملة لتحسين الجانب البيئي، والحفاظ على مياه نهر أم الربيع والموارد الجوفية. كما تسهم في الحد من الإجهاد المائي بتوفير مياه معالجة صالحة للاستعمال الصناعي، خاصة لصالح المجمع الشريف للفوسفاط، وأيضًا لري المساحات الخضراء.
تعتمد المحطة على تقنية الحمأة المنشطة، وهي آلية بيولوجية ترتكز على كائنات دقيقة لتحليل المواد العضوية. تمر المياه بعدة مراحل من التصفية، تشمل إزالة الملوثات الفيزيائية والكيميائية، ثم مرحلة الحمأة المنشطة، حيث تعمل البكتيريا في أحواض مخصصة على تحليل المواد العضوية بشكل دقيق، مما يسمح بإعادة تدوير المياه مرات متعددة لتصبح صالحة للاستعمال البيئي والصناعي.
رغم التطور التقني لهذه المنشأة، فإن بعض الاختلالات أثرت سلبًا على كفاءتها. المياه الواردة من بعض المصادر مثل المجازر تحتوي على ملوثات تعيق عملية التنقية، مما أدى إلى تسربات وروائح كريهة أثارت استياء السكان المحليين خلال الأسابيع الماضية.
مع بداية هذا الأسبوع، وبالتعاون بين المجلس الجماعي والمجمع الشريف للفوسفاط، تم اتخاذ خطوات عملية للحد من هذه المشكلة. وشملت الإجراءات سحب القناة المخصصة للمجزرة من الشبكة الرئيسية وإعادتها مؤقتًا إلى نهر أم الربيع، بانتظار إنشاء مصفاة خاصة بها مستقبلاً.
تمثل محطة قصبة تادلة نموذجًا للتعاون بين الجهات المحلية والوطنية في تحقيق التنمية المستدامة، إلا أن نجاح هذا المشروع يظل رهينًا بتجاوز العقبات التشغيلية والالتزام بتوفير حلول مستدامة، بما يضمن بيئة نظيفة وسلامة الموارد المائية.
بين الأهداف النبيلة والاختلالات التي تفرض تحديات متواصلة، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح هذه المنشأة في تحقيق رؤيتها البيئية المنشودة؟
