ملف ضحايا زلزال الحوز بين يدي وزارة الداخلية ورؤوس تتحسس محاسبتها

tahqiqe24

محمد مسير ابغور

يبدو أن ملف ضحايا زلزال الحوز يعيدنا مجددًا إلى تسليط الضوء على فساد بعض المؤسسات، ويذكرنا بمشروع “منارة المتوسط” بمدينة الحسيمة، الذي أطاح بوزراء في الحكومة ومسؤولين ساميين تم عزلهم والزج بهم في السجون. ورغم ذلك، لم نشهد تقديم ولو وزير واحد للمحاكمة بنفس النهج الذي اتُّبع مع باقي المسؤولين. الملف يذكرنا أيضًا بإعفاء وزراء وإدراجهم في قائمة المغضوب عليهم من طرف القصر، لكن للأسف عادوا مجددًا عبر مسؤوليات انتدابية وسياسية بحكم تحكمهم في دواليب الأحزاب السياسية التي ينتمون إليها.

اليوم، على الجهات المكلفة بتدبير ملف ضحايا زلزال الأطلس الكبير أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه ساكنة تلك المناطق. فالأوضاع الحالية تنذر بانفجار حقائق قد تكون صادمة، خاصة في ظل ما صرّح به وزير الداخلية أمام البرلمان، حيث أشار إلى أن الأمور تسير ببطء ومن دون رؤية واضحة. في المقابل، تتوارى النخب السياسية والجمعوية والحقوقية، متجنبة فتح نقاش عمومي مسؤول حول استراتيجية تدبير الكوارث والأزمات، مما يكشف عن مشاكل حقيقية في طريقة التعامل مع مثل هذه القضايا.

على الإعلام الوطني، وخاصة العمومي، أن يلعب دوره في فتح نقاش جاد وواضح حول استراتيجية تدبير بلادنا للمخاطر والكوارث الطبيعية، بما يساهم في تقييم ما يجري على أرض الواقع.

ملف تدبير ضحايا زلزال الأطلس الكبير يستدعي وقفة تقييم جادة وموضوعية حتى لا يظل هذا الملف مفتوحًا إلى الأبد. فالتأخر في معالجته قد يؤدي إلى مفاجآت غير سارة، خاصة أن الملف يحظى بمتابعة مباشرة من الملك محمد السادس ومن جهات عليا بالمملكة، بالإضافة إلى مؤسسات سامية تحظى بثقة المغاربة.

الأخطر هو ما أُثير حول عقود تمت بين بعض ضحايا الزلزال وما يُسمى بالمقاولين، حيث تبين أن هذه العقود لا تحمل سوى اسم “عقد”، إذ صيغت على أوراق بشكل أقل من العرفي، دون أي استناد إلى أشكال العقود القانونية التي تضمن حقوق الأطراف. وأفادت مصادر من الضحايا أن بعض المقاولين يتعاقدون بدورهم مع مقاولين آخرين غير ظاهرين في وثائق العقود. وقد ظهرت نزاعات وخلافات بين الأطراف بدأت تطفو على السطح، مما أدى إلى تعرض بعض الضحايا للنصب والاحتيال. هناك أيضًا من الضحايا من قام بصرف مبلغ التعويض في أمور أخرى تتعلق بحياته اليومية، نتيجة غياب إشراف فعال على سير العمليات.

ومع مرور أكثر من سنة ونصف على الزلزال، أُثيرت شكوك حول جودة البناء والمعايير المستخدمة، خاصة في ظل وجود عيوب كارثية في المنشآت التي تم إنجازها. هذه العيوب تعكس إهمالًا كبيرًا لخصوصيات المناطق المتضررة وتضاريسها وطبيعتها الجيولوجية.

ملف ضحايا زلزال الحوز أصبح بمثابة قنبلة اجتماعية موقوتة، قد تنفجر في وجه الجهات المسؤولة التي لا تبدي اهتمامًا كافيًا تجاه ما يُنشر في الإعلام الوطني من وثائق وصور تُبرز مظاهر الاحتجاجات اليومية التي تشهدها الدواوير المنكوبة.

إن التعاطي مع هذا الملف يتطلب تصحيح المسار بشكل فوري وحاسم، تجنبًا لأي تطورات قد تزيد من تعقيد الوضع وإثارة سخط المواطنين.

 

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.