موسم عين بوتبوقالت: تظاهرة سنوية تُعيد رسم ملامح التنمية المحلية من خلال الثقافة والاقتصاد

tahqiqe24

مدير النشر يونس سركوح

شهد موسم عين بوتبوقالت، المنظم بجماعة أربعاء آيت أحمد بإقليم تزنيت منذ يوم 11 إلى اليوم 14 يونيو الجاري، إقبالًا جماهيريًا واسعًا من الزوار والمهتمين، ليُكرّس بذلك موقعه كتظاهرة ثقافية واقتصادية متجذرة في الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة. وقد تميز الموسم بحضور لافت وتنظيم محكم، ما ساهم في إنجاح مختلف الفقرات والأنشطة المبرمجة ضمن هذا الحدث السنوي.

من الناحية الاقتصادية، شكّل معرض المنتوجات المجالية أحد أبرز محطات الموسم، حيث شهد إقبالًا كبيرًا من الزوار على مختلف أروقة التعاونيات المحلية. هذا المعرض لم يكن مجرد فضاء للعرض والبيع، بل مثّل منصة حقيقية لتحريك العجلة الاقتصادية والاجتماعية، عبر تشجيع المقاولات الصغيرة والتعاونيات النسائية والشبابية على تسويق منتجاتها وتعزيز فرصها في الولوج إلى أسواق أوسع.

أما في الجانب الثقافي والفني، فقد عرف الموسم حضور فنانين متميزين في مجال الأغنية الأمازيغية، والذين أبدعوا على خشبة العرض، مقدمين لوحات فنية تزاوج بين الأصالة والتجديد، ما أضفى على أجواء الموسم طابعًا احتفاليًا يعكس العمق الحضاري للمنطقة. كما ساهمت الفرق الفلكلورية المشاركة في إحياء التراث المحلي وتعزيز الروابط الرمزية بين المجتمع وموروثه الثقافي.

ولم يقتصر الموسم على البُعدين الاقتصادي والثقافي فقط، بل انفتح على البعد الرياضي، حيث نُظّمت أنشطة رياضية موازية، أبرزها سباق الماراثون ورياضة الرماية، والتي شهدت بدورها مشاركة واسعة من مختلف الفئات العمرية، ما يعكس دينامية المجتمع المدني وانخراطه في التظاهرات التنموية والرياضية.

إن موسم عين بوتبوقالت ليس فقط مناسبة للاحتفاء بالتراث والمنتوجات، بل يُمثل نموذجًا محليًا ناجحًا في كيفية استثمار التقاليد الجماعية لتحقيق التنمية المندمجة، من خلال الربط بين الثقافة والاقتصاد، وبين الهوية والانفتاح. كما أنه يعكس قدرة الجماعة الترابية على تنظيم فعاليات بمستوى عالٍ من المهنية والانضباط، في انسجام تام مع أهداف التنمية الترابية المستدامة.

وفي ضوء هذه المؤشرات، يبدو أن هذا الموسم السنوي بدأ يتحول تدريجيًا إلى منصة إقليمية قادرة على استقطاب الفاعلين المحليين والدوليين، وهو ما يستدعي مواصلة الاستثمار في هذا الرأسمال الرمزي والثقافي، وتعزيز البنيات التحتية والخدمات المصاحبة، لضمان استدامته وتوسيع أثره الإيجابي على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.