ندوة وطنية بالعيون تبرز مكانة القضاء في ترسيخ الوحدة الوطنية

تحقيقـ24 تحقيقـ24

احتضنت مدينة العيون، السبت، ندوة وطنية حول موضوع “دور القضاء في تجسيد الوحدة الوطنية”، نظّمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة. وشكل هذا اللقاء مناسبة لاستحضار هذا الحدث الوطني الخالد، وتسليط الضوء على الأبعاد القانونية والتاريخية والرمزية التي جسّدتها المملكة المغربية في مسار ترسيخ وحدتها الترابية.

وسعى المشاركون إلى استعراض مختلف المحطات التاريخية التي عرفتها المملكة في سياق الدفاع عن وحدتها الوطنية، استناداً إلى وثائق تاريخية وقانونية، وما تحقق من مكاسب خلال نصف قرن، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لاسيما بعد القرار الأممي 2797، الذي كرّس وجاهة مبادرة الحكم الذاتي المقدّمة من طرف المغرب سنة 2007 كحلّ واقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وأجمع المتدخلون على أن الدفاع عن ركائز الدولة ووحدة الأمة لا يقتصر على الجوانب السياسية والدبلوماسية فحسب، بل يرتكز أيضاً على إرساء دولة المؤسسات وسيادة القانون وترسيخ العدالة باعتبارها قيمة دستورية وإنسانية، تحمي حقوق المواطنين وتُعزز ثقتهم في مؤسساتهم القضائية.

كما أبرز المتحدثون أنّ القضاء يُعدّ أحد أبرز تجليات السيادة الوطنية للمملكة، مذكرين بأن حضور القضاء المغربي في الأقاليم الجنوبية ظل متواصلاً عبر التاريخ، أسوة بباقي مناطق البلاد، حيث كان السلاطين العلويون يُعيّنون القضاة في الصحراء المغربية، وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري لسنة 1975، الذي أقرّ بوجود روابط قانونية وروحية بين العرش المغربي وسكان الصحراء، تجسدت في نظام البيعة.

وتوقّف هذا اللقاء عند السياق التاريخي للمغرب خلال القرن التاسع عشر، وما عرفه من أطماع استعمارية أوروبية، مروراً بمؤتمر برلين سنة 1884، وصولاً إلى الاستقلال ورأي محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975، الذي أكد أن الصحراء لم تكن أرضاً خلاء، وأن روابط البيعة قائمة بين السكان وسلاطين المغرب. كما تطرقت الندوة إلى مفاهيم السيادة والبيعة وتطورها التاريخي، إضافة إلى المقارنة بينهما من حيث المرجعية والمشروعية.

وأكد المتدخلون أن تعيين القضاة الصحراويين من طرف السلاطين المغاربة وارتباطهم بالبيعة، يشكلان دليلاً راسخاً على السيادة المغربية على الصحراء، مشيرين إلى أن القضاة الصحراويين حرصوا، من خلال ما أصدروا من أحكام ووثائق ورسائل، على تثبيت شرعية البيعة ومكانتها ضمن البناء المؤسسي والقانوني للمملكة.

كما استحضر المشاركون الدور المحوري الذي لعبته تجربة العدالة الانتقالية وتوصياتها، وما أفرزته من إصلاحات دستورية ومؤسساتية وتشريعية، وتعزيز الجهوية المتقدمة كمدخل لإرساء الحكامة الترابية وبناء دولة الحق والقانون، بما مكّن المغرب من التفاعل الإيجابي مع المنتظم الدولي في بلورة حلّ مستدام لقضية الصحراء، يقوم على الحكم الذاتي كخيار ديمقراطي يستند إلى مبادئ الحريات الفردية والجماعية والمشاركة المواطنة.

وبموازاة أشغال الندوة، تم تنظيم معرض يضم نسخاً من وثائق قضائية تاريخية تشكل نماذج من مئات الرسوم العدلية والوثائق والملفات القضائية والكتب الفقهية والقانونية الموجودة بمتحف الذاكرة القضائية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

وشهدت الندوة حضور شخصيات وطنية بارزة، من ضمنهم والي جهة العيون الساقية الحمراء عامل إقليم العيون، والرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، ورئيس المحكمة الدستورية، ووسيط المملكة، والأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى جانب مسؤولين قضائيين ومنتخبين وفعاليات المجتمع المدني.

 

اترك تعليقا *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.