الصحافي يونس سركوح،
تشهد جماعة آيت عميرة بإقليم اشتوكة آيت باها وضعًا بيئيًا متدهورًا، حيث تحوّلت العديد من أحيائها إلى مكبّات عشوائية للنفايات في ظل غياب حاويات القمامة وصعوبة تدبير ملف النظافة. تفاقمت الأزمة بعد التساقطات المطرية الأخيرة التي تسببت في تشكّل برك مائية وأوحال وسط الشوارع، ما جعل الوضع البيئي أكثر تعقيدًا. هذه الحالة دفعت الساكنة إلى التعبير عن استيائها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتقد العديد من المواطنين أداء المجلس الجماعي، محمّلينه مسؤولية هذا الوضع المتدهور.
ويعتبر تدبير مرفق النظافة من الاختصاصات الذاتية للجماعات الترابية وفقًا لما ينص عليه القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات. وتنص المادة 83 من هذا القانون على أن المجالس الجماعية ملزمة بإحداث وصيانة التجهيزات العمومية الضرورية، بما في ذلك تدبير قطاع النظافة. كما تتيح المادة 92 للجماعات تدبير هذا القطاع عبر التسيير المباشر، أو من خلال التعاقد مع شركات متخصصة، أو عبر شراكات مع الجمعيات المحلية. رغم هذه الصلاحيات، يشتكي سكان آيت عميرة من غياب حلول عملية لمعالجة أزمة النفايات، ما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التأخر في التدبير.
أثارت أزمة النفايات ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المواطنين عن استيائهم من طريقة تعامل المجلس الجماعي مع هذا الملف. وكتب أحد النشطاء معلقًا: “تخيل أن أبسط حقوق الإنسان، وهو العيش في بيئة نظيفة، غير متوفر في آيت عميرة! النفايات في كل مكان، حتى أمام ملاعب كرة القدم التي تُعتبر المتنفس الوحيد للشباب”. فيما اعتبر آخر أن المجلس الجماعي يقدم “حلولًا ترقيعية واستهتارًا بالمواطنين”، متسائلًا عن سبب عدم إبرام الجماعة لعقد مع شركة متخصصة في تدبير النفايات كما هو معمول به في العديد من الجماعات الأخرى. بينما كتب أحد المعلقين: “أعوان حزبيون يحتلون الإدارة.. والجماعة تغرق في الأزبال”.
في خضم هذا الجدل، ظهر نائب رئيس المجلس الجماعي في مقطع فيديو أثار جدلًا واسعًا، حيث دعا شباب آيت عميرة إلى التطوع لجمع النفايات بدلًا من الاكتفاء بانتقاد أداء الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال في تصريحه: “باراكا من الهضرة في الفيسبوك، خرجوا جمعوا الزبل بدل الجلوس في المنازل والبحث عن ‘الكونيكسيو’ للانتقاد”. وقد اعتبر العديد من المواطنين أن هذه الدعوة تعكس تهرّبًا واضحًا من المسؤولية، حيث إن النظافة ليست مسؤولية الأفراد، بل تُعد مرفقًا عموميًا يتوجب على المجلس تدبيره بآليات رسمية وليس عبر مبادرات عشوائية. كما تساءل البعض عن أسباب عدم تعاقد الجماعة مع شركة خاصة أو عقد اتفاقيات شراكة مع الجمعيات المحلية لتعزيز الجهود في هذا المجال.
إلى جانب أزمة النفايات، تعاني الجماعة من تدهور واضح في بنيتها التحتية، حيث أصبحت الطرقات في حالة كارثية بفعل غياب التهيئة والصيانة. وتنص المادة 88 من القانون التنظيمي للجماعات على أن إحداث وصيانة الطرق العمومية يدخل ضمن الاختصاصات الذاتية للجماعة، مما يجعل هذا الملف مسؤولية مباشرة للمجلس الجماعي. ورغم هذه المسؤولية القانونية، فإن وضعية الطرقات في آيت عميرة لا تعكس أي مجهود ملموس في هذا الاتجاه، مما يزيد من معاناة الساكنة.
في ظل هذه المعطيات، يرى العديد من المتابعين أن المجلس الجماعي لم يتمكن من وضع حلول جذرية للأزمات البيئية والبنية التحتية، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرته على تسيير شؤون الجماعة وفق رؤية واضحة واستراتيجية فعالة. فهل يعود هذا الإخفاق إلى غياب التخطيط؟ أم إلى نقص الموارد؟ أم إلى ضعف الحكامة التدبيرية؟ وهل فشل المجلس الجماعي لآيت عميرة في تدبير ملف النظافة والبنية التحتية؟