تحقيق24 : محمد المطاعي ..
يُعتبر العمل الجمعوي ركيزة أساسية في تحقيق التنمية المحلية، خاصة في المناطق القروية مثل جماعات دائرة أولاد عمران إقليم سيدي بنور ، الدار البيضاء-سطات بالمغرب. وتساهم الجمعيات في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية ، لكن هذه الجمعيات تواجه عدة تحديات ومعيقات تحول دون تحقيق الأهداف المنشودة وفي ظل واقع تتنامى فيه حاجيات ومتطلبات العيش الكريم لساكنة جماعات أولاد عمران ،كدية بني دغوغ ،تامدة ،كريديد ،ثم العكاكشة .
لتحليل الموضوع ، لابد من الانطلاق من واقع العمل الجمعوي ومجالاته لتحليل الأثر التنموي على أرض الواقع ، لنختم بالإكراهات والمعيقات التي تحول دون تحقيق التنمية المنشودة .
1ـ واقع العمل الجمعوي بدائرة أولاد عمران :
تتنوع مجالات وأنشطة الجمعيات المحلية ففي الفلاحة تشتغل عدة تعاونيات على إنتاج الحليب وتسويق المنتجات الفلاحية ، وفي قطاع الماء والماء الشروب أثمرت برامج الجماعات عبر مشاريع حفر الآبار وبناء الصهاريج والربط الفردي بأغلبية دواوير الجماعات حيث وصلت جماعة أولاد عمران وكدية بني دغوغ إلى نسبة 100٪ في استفادة الساكنة من الماء الشروب ،عهد تسيير نقط الماء إلى جمعيات تؤمن استدامة الخدمة بتسيير ذاتي من مكاتب جمعيات بكل دوار .
وفي التعليم تساهم الجمعيات المحلية في تسيير مؤسسات التعليم الأولي والنقل المدرسي وتسيير دار الطالب والطالبة إضافة إلى جمعيات الآباء والأمهات بالمؤسسات التعليمية ، حيث تساهم هذه الجمعيات في محاربة الهدر المدرسي وتأهيل المؤسسات التعليمية وإيواء الفتاة القروية المتمدرسة .
وفي الرياضة تأسست جمعيات رياضية من داخل الإعداديات والثانويات تشارك في المنافسات الرياضية الإقليمية والجهوية ، ناهيك عن تأسيس فريقين لكرة القدم بجماعات أولاد عمران وكريديد ينشطان في بطولة الهواة ، مما فتح الباب للجماعات المعنية لبرمجة مشاريع بناء ملاعب كرة القدم ، فيما تساهم جمعيات في تسيير ملاعب القرب .
وفي الثقافة والتراث ، فبعد توقف جمعيات عن أنشطتها الفنية والثقافية ، تأسست مؤخرا جمعية تعنى بالموروث الثقافي والفني للمنطقة ، تسعى إلى تنظيم مهرجان ثقافي بالمنطقة .
لقد نجحت بعض الجمعيات والتعاونيات وفي إطار الشراكات بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH) منها التعاونيات الفلاحية و جمعيات النقل المدرسي و التعليم الأولي ودور الطالب والطالبة في تحقيق أهدافها وأمنت لسنوات ظروف التعليم الجيد وساهمت في الحد من الهدر المدرسي ، و الجمعيات الرياضية بدورها خلقت الحدث بأولاد عمران بتأسيس الفرق والتنقيب عن المواهب في قرى ودواوير الجماعات في إطار شراكات وبرامج مع فرق بالقسم الأول.
2ـ الأثر التنموي. : ساهمت الجمعيات في خلق فرص عمل محدودة، وفي تحسين الظروف المعيشية لساكنة المنطقة بتأمين الماء الشروب وتجويد تمدرس أبناءها وبناتها ، وتصميم المنتوج الفلاحي مما أسهم في تحسن معيشة الفلاحين ، وساهمت في التعريف بالمنطقة عبر مشاركات في أنشطة رياضية وثقافية .
3- إكراهات العمل الجمعوي:
يواجه الفاعلون الجمعيات والتعاونيات عدة تحديات مالية وإدارية تتمثل في ضعف التمويل الذاتي وغياب الانخراطات الشهرية المنتظمة التي تؤمن ميزانية يتم طلب التمويل والدعم على أساسها مما يسقط عدد كبير من الجمعيات في عمل تدبيري فقط وبالتالي الجمود ، أبرزها :
نقص الكفاءات والتكوين فمحدودية المهارات الإدارية لدى أعضاء الجمعيات يؤثر على جودة إدارة المشاريع ، غياب برامج تكوينية متخصصة في برمجة المشاريع أو المحاسبة أو التسيير
وتعتبر العوائق الاجتماعية والثقافية من قبيل مقاومة بعض التقاليد الاجتماعية لمشاركة المرأة أو الشباب في صنع القرار من أهم المثبطات لعدم وجود جمعيات نسائية للحرف والمهن تسهم تمكين المرأة القروية من دخل إضافي كفيل بتحسين عيش أسرتها .
ومن المعيقات أيضا غياب التنسيق بين الفاعلين الجمعويين خاصة الذين توحدهم أهداف تعاونياتهم وجمعياتهم مما يسهم
في تشتيت الجهود بسبب غياب شبكة تواصل بين الجمعيات، مما يؤدي إلى تكرار المشاريع وعدم تجاوب الشركاء لعدم تغطية المشاريع لفئات عريضة من الساكنة تجمع بينهم وحدة الهدف
وفيما يشكل ضعف التعاون مع السلطات المحلية أحيانًا، خاصة في غياب رؤية تنموية موحدة من المعيقات التي تجمد أنشطة الجمعيات .
وختاما جاز لنا القول أنه رغم الدور الحيوي للعمل الجمعوي في أولاد عمران ، فإن تعثره أمام إكراهات مادية وبشرية يُضعف تأثيره. ولتعزيز دوره لابد من :
– تبسيط الإجراءات الإدارية للحصول على الدعم المالي من مؤسسات الدولة .
– تنظيم برامج تكوينية لرفع قدرات الجمعيات.
– تشجيع الشراكة بين الجمعيات والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية.
– تعزيز التنسيق المحلي لتجنب التكرار وتركيز الجهود على الأولويات التنموية.
بهذه الخطوات، يمكن تحويل التحديات إلى فرص لتعزيز التنمية البشرية والمستدامة بالمنطقة.