اشتوكة.. حادثة سير خطيرة تكشف الوجه القاتم للنفايات الفلاحية المحترقة بإنشادن.

tahqiqe24

يونس سركوح،

في حادثة سير مروعة شهدها إقليم اشتوكة أيت باها مساء اليوم السبت 22 مارس 2025، أصيب 25 عاملاً زراعياً، أغلبهم من النساء، إثر اصطدام قوي بين سيارات نقل العمال الزراعيين على الطريق الرابطة بين إنشادن والدويرة. وقد وقع الحادث بالقرب من دوار إفريان في جماعة إنشادن، حيث كان الحرق العشوائي للنفايات الفلاحية سببًا رئيسيًا في وقوع الحادث، إذ تسببت الأدخنة الكثيفة المنبعثة في انعدام الرؤية، مما أدى إلى الاصطدام. هذه الواقعة تسلط الضوء على مخاطر هذه الممارسات غير القانونية وأثرها على السلامة العامة والصحة البيئية.

يعد الحرق العشوائي للنفايات الفلاحية ممارسة شائعة في بعض المناطق الفلاحية، حيث يلجأ بعض المزارعين إلى التخلص من المخلفات الزراعية بهذه الطريقة دون مراعاة العواقب البيئية والصحية. هذا الحرق غير المنظم يؤدي إلى انبعاث أدخنة سامة تحتوي على مواد ضارة، تؤثر بشكل خطير على الجهاز التنفسي، وتزيد من معدلات الإصابة بأمراض مزمنة مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية. وتزداد خطورة هذه الأدخنة على الفئات الهشة، كالأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي، مما يجعل هذه الظاهرة مصدر تهديد مباشر للصحة العامة.

من الناحية القانونية، ينص القانون المغربي، وخاصة القانون رقم 28.00 المتعلق بإدارة النفايات ومراقبتها، على ضرورة الالتزام بالإجراءات البيئية الصحيحة للتخلص من المخلفات، مع فرض عقوبات على الأفراد والجهات التي تتسبب في تلويث البيئة وتعريض حياة المواطنين للخطر. ومع ذلك، فإن التطبيق العملي لهذه القوانين يواجه تحديات كبيرة، من بينها ضعف المراقبة البيئية وعدم تفعيل العقوبات بالشكل الذي يضمن ردع المخالفين. ويطرح هذا تساؤلات جوهرية حول دور السلطات المحلية والدرك الملكي المكلف بالبيئة في منع هذه السلوكيات وضمان احترام القوانين البيئية.

إن مسؤولية السلطات لا تقتصر فقط على معاقبة المخالفين، بل تمتد أيضًا إلى وضع استراتيجيات فعالة لمعالجة هذه المشكلة، مثل توفير بدائل بيئية مستدامة لإدارة النفايات الفلاحية، وتعزيز التوعية لدى المزارعين حول مخاطر الحرق العشوائي، وتشجيع تبني أساليب حديثة لإعادة تدوير المخلفات الزراعية واستخدامها في إنتاج السماد الطبيعي أو الطاقة الحيوية.

الحادث الذي وقع في إقليم اشتوكة أيت باها يعكس إشكالية بيئية وقانونية متشابكة تتطلب حلولًا عاجلة ومستدامة. فمن غير المقبول أن تستمر هذه الممارسات العشوائية التي تهدد حياة المواطنين وصحتهم وسلامتهم على الطرقات. إن المسؤولية في هذا السياق جماعية، وتستلزم تضافر جهود السلطات المحلية، والأجهزة الأمنية، والمجتمع المدني، والمزارعين، من أجل وضع حد لهذه الظاهرة وتعزيز ثقافة بيئية مسؤولة. ويظل السؤال مفتوحًا: إلى متى سيظل الحرق العشوائي للنفايات الفلاحية سببًا في كوارث تهدد الأرواح والصحة العامة؟

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.