الجزائر تطرد نائب القنصل المغربي: خطوة تصعيدية تؤجج التوترات الدبلوماسية

الزهرة زكي

يونس سركوح،

استدعت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، يوم الخميس 27 مارس 2025، السيد خليل الشيحاني، القائم بالأعمال بالنيابة في القنصلية العامة للمملكة المغربية بالجزائر، إلى مقر الوزارة حيث استُقبل من قبل السيد مختار أمين خليف، المدير العام للتشريفات. في اللقاء، تم إبلاغه بقرار السلطات الجزائرية القاضي باعتبار السيد محمد الشيحاني، نائب القنصل العام المغربي في وهران، شخصًا غير مرغوب فيه، مع إلزامه بمغادرة التراب الوطني في غضون 48 ساعة.

القرار جاء بناءً على ما وصفته السلطات الجزائرية بتصرفات مشبوهة من جانب المعني بالأمر، تتنافى مع طبيعة عمله الرسمي كممثل قنصلي. واعتبرت هذه التصرفات خرقًا للقوانين الجزائرية السارية، وكذلك لمقتضيات اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، التي تحدد قواعد العمل بين الدول في مجال العلاقات الدبلوماسية والقنصلية.

وفي سياق متصل، نشر المعارض الجزائري “وليد كبير” المقيم بالمغرب، على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك تعليقًا حول هذا القرار، حيث اعتبر أن خطوة الخارجية الجزائرية تجاه الدبلوماسي المغربي تؤكد على “تخبط كبير في أعلى هرم السلطة”، مشيرًا إلى أن “النظام الحائر لم يغادر مفترق الطرق”. وأضاف كبير: “هدوء المغرب وحكمة ملكه جننهم”، في إشارة إلى أن السياسة المتزنة التي يتبعها المغرب تحت قيادة ملكه تحرج النظام الجزائري في محيطه الإقليمي والدولي.

ومن زاوية أخرى، يمكن القول إن هذا القرار يفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول المنهجية التي تتبعها السلطات الجزائرية في اتخاذ القرارات الدبلوماسية، خاصة في ظل افتقار هذه الخطوات إلى مبررات واضحة ومقنعة. في المقابل، يُلاحظ أن المغرب حافظ على سياسة هادئة وحكيمة في التعامل مع التوترات الإقليمية والدولية، وهو ما يعكس نضجًا دبلوماسيًا يراعي مصلحة الدولة العليا دون التفريط في حقوقها.

وإن التصعيد الجزائري الأخير يعكس حالة من الارتباك على صعيد السياسات الخارجية، ما يضعف موقفها في الساحة الدولية ويؤثر سلبًا على توازن علاقاتها مع جيرانها. في الوقت الذي كان ينبغي فيه للجزائر أن تلتزم بمعايير العلاقات الدبلوماسية المتعارف عليها، يبدو أن الخطوات التي تتخذها لا تصب في مصلحة تعزيز الحوار البنّاء ولا تسهم في تهدئة الأوضاع.

إضافة إلى ذلك، لا يمكن إغفال الدور الحيوي للقيادة المغربية التي تظهر قدرة استثنائية على الحفاظ على ثبات مواقفها وسعيها المتواصل لتعزيز مصالحها الوطنية في إطار من الاحترام المتبادل، وهو ما يعكس سياسة ثابتة بعيدة عن الردود الارتجالية التي غالبًا ما تؤدي إلى مزيد من التصعيد.

ويبدو أن هذا التصعيد الجزائري الجديد يعكس حالة من القلق السياسي الذي قد تكون له تداعيات غير محمودة على العلاقات الثنائية بين البلدين، في حين تظل سياسة المغرب الدبلوماسية ثابتة، قائمة على المبادئ والقيم التي تضمن استقرار المنطقة وتعزز من دوره الريادي في محيطه العربي والإفريقي.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.