يونس سركوح
يشهد إقليم اشتوكة أيت باها حالة من التململ الشعبي إزاء أداء بعض ممثلي الساكنة داخل البرلمان، وعلى رأسهم البرلماني الشاب المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي بات غيابه عن الترافع حول قضايا الإقليم يثير موجة من الاستياء وعلامات استفهام عديدة. ففي الوقت الذي يعيش فيه الإقليم مشاكل متفاقمة، لعل أبرزها الصراعات المستمرة مع الرعاة الرحل، وما خلفته من احتقان اجتماعي، كان من المنتظر أن يكون هذا النائب في مقدمة المدافعين عن حقوق الساكنة، سواء عبر التدخلات البرلمانية أو عبر التواصل المباشر مع المواطنين، غير أن الواقع يكشف عن عكس ذلك.
غياب المبادرات البرلمانية، سواء من خلال الأسئلة الشفوية والكتابية أو عبر المواقف الرسمية والتصريحات الإعلامية، يعكس افتقاراً واضحاً لأدوات العمل السياسي والترافعي التي من المفترض أن يتحلى بها أي منتخب. كما أن القطيعة شبه التامة بين البرلماني الشاب وقاعدته الانتخابية تضع شرعية تمثيليته موضع تساؤل، خصوصاً في ظل غياب أي لقاء تواصلي من شأنه توضيح مواقفه أو الإحاطة بمشاكل الإقليم بشكل دقيق.
المشهد يزداد قتامة حين نقارن أداء هذا النائب بما يقدمه برلمانيون آخرون عن أحزاب سياسية مختلفة، والذين اختاروا التموقع بقوة إلى جانب ساكنتهم، سواء عبر طرح قضاياهم بشكل جريء تحت قبة البرلمان، أو من خلال الحضور الإعلامي الفعال الذي يعزز منسوب الثقة الشعبية في أدوارهم التمثيلية. هذه المقارنات تؤكد وجود اختلالات واضحة في طريقة ممارسة بعض النواب لمهامهم، وتدفع بالمواطنين إلى التساؤل عن الجدوى الحقيقية من انتخاب من لا يجيد حمل همومهم أو الترافع عنها في المواقع المخصصة لذلك.
ولا شك أن استمرار هذا الغياب البرلماني عن قضايا الساكنة من شأنه أن يؤدي إلى تآكل تدريجي للثقة في المؤسسات التمثيلية، خاصة في سياق وطني أصبحت فيه مفاهيم ربط المسؤولية بالمحاسبة أكثر حضوراً في الخطاب السياسي والحقوقي. فالناخب اليوم لم يعد يكتفي بالشعارات الانتخابية البراقة، بل يطالب بأداء فعلي يعكس إرادته وطموحاته، وبممثّل قادر على أن يكون لسان حاله في مواقع القرار.
إن التحديات التي تواجه إقليم اشتوكة أيت باها، من مشاكل المياه، والهشاشة الاقتصادية، والنزاعات مع الرعاة الرحل، تحتاج إلى برلمانيين مبادرين، منخرطين بوعي ومسؤولية في معارك الدفاع عن الساكنة، لا إلى أسماء تكتفي بالصمت والمراقبة عن بعد. فالمسؤولية التمثيلية ليست مجرد لقب سياسي عابر، بل عقد أخلاقي يربط النائب بناخبيه، ويقتضي حضورا دائماً، ويقظة مستمرة، واستعداداً دائماً للانتصار لقضايا المواطنين.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: هل سيدرك البرلماني الشاب أن العمل البرلماني لا يقاس بعدد السنوات في المنصب، بل بمدى قوة الأثر الذي يتركه في حياة الناس؟ أم أن ساكنة اشتوكة أيت باها ستضطر إلى مراجعة اختياراتها مستقبلاً، بحثاً عن من يستطيع أن يكون بحق صوتها داخل البرلمان؟