اختفاء مقاولين قبيل عيد الأضحى يُربك أوراش البناء بالدار البيضاء ويُفجّر غضب العمال

tahqiqe24

شهدت أوراش البناء الكبرى في مناطق متعددة من الدار البيضاء، كزناتة والقطب المالي وبوسكورة والنواصر، حالة من الارتباك والتوقف المفاجئ، بعدما اختفى عدد من المقاولين قبيل أيام قليلة من عيد الأضحى، تاركين وراءهم عمالاً دون أجور مستحقة، في ظل مطالب تقليدية بأداء “خلاص العيد” الذي يُعد عرفاً راسخاً في القطاع.

ووفقًا لما أفادت به مصادر إعلامية، فإن العديد من العمال تقدموا بشكايات إلى مصالح الأمن والدرك ومفتشيات الشغل، يتهمون فيها مقاوليهم بالتملص من صرف مستحقاتهم المالية، مشيرين إلى أن بعضهم توصل بشيكات دون رصيد، فيما وُضِع منعشون عقاريون في موقف حرج بعدما اضطروا لتسوية أجور العمال حفاظًا على سير الأوراش.

وتورط مقاولون آخرون، بحسب نفس المصادر، في اقتناء مواد وتجهيزات بناء من شركات متخصصة دون دفع قيمتها، رغم توصلهم بمستحقاتهم من الشركات العقارية صاحبة المشاريع. وهو ما خلق حالة من الاحتقان والغضب في صفوف العمال والمهنيين، خاصة مع اقتراب مناسبة عيد الأضحى التي تُعد توقيتًا حساسًا من الناحية الاجتماعية والمهنية.

عدد من هؤلاء المقاولين اختفوا من الساحة، حسب نفس المعطيات، مبرّرين الغياب بأسباب مختلفة مثل أداء مناسك الحج أو السفر خارج المملكة للعلاج، في حين عمد آخرون إلى إغلاق هواتفهم المحمولة، مما زاد من تعقيد الوضع. في المقابل، اضطر بعض أصحاب المشاريع إلى دفع الأجور بأنفسهم لتجنب تعطيل أوراشهم، مع اتخاذ تدابير تحفظية مثل الحجز على معدات المقاولات المشتغلة في المناولة، وخصم تلك التكاليف من مستحقاتهم التعاقدية.

وتأتي تداعيات هذه الأزمة في سياق عام يشهد أزمة خانقة في قطاع البناء بالمغرب، أبرز ملامحها ارتفاع أسعار اليد العاملة بنسبة تجاوزت 25% خلال سنة واحدة، إلى جانب نقص حاد في العمال المؤهلين، بسبب توجههم إلى أوراش أجنبية أكثر ربحية أو عودتهم إلى القطاع الفلاحي بفعل تحسن الموسم الزراعي نتيجة التساقطات المتأخرة.

هذه الوضعية أثرت بشكل مباشر على سير الأشغال في مشاريع البنيات التحتية والسكن، وأسهمت في تباطؤ وتيرة الإنجاز وتأخير عمليات التسليم، ما أثار قلق المستثمرين والمنعشين العقاريين، خصوصًا في ظل غياب برامج تكوين فعالة لسدّ هذا الخصاص.

ووفقًا لنفس المصادر الإعلامية، قام بعض المنعشين بإصدار تعليمات للبنوك من أجل تعليق تحويل الكمبيالات البنكية الموجهة للمقاولين المختفين، إلى حين تسوية وضعيتهم مع العمال والتأكد من قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم في الأوراش الجارية، وسط مخاوف من تحميل الشركات العقارية غرامات تأخير إضافية.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.