خلال جلسة تشريعية عقدها مجلس النواب يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، خُصصت للتصويت على مشروع قانون المسطرة المدنية في قراءة ثانية، أقر وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بأن المنظومة القضائية في المغرب تواجه تحديات عميقة، تتجلى أساسًا في كثرة الملفات القضائية وطول الآجال الزمنية للبت فيها، ما يضعف النجاعة القضائية وجودة الأحكام.
وفي كلمة له أمام النواب، تساءل وهبي قائلاً: “هل نترك المحاكم لأي شخص يضع دعوى قضائية ثم يماطل فيها؟”، مؤكداً أن هذا الوضع يُفرز تراكمًا للقضايا ويؤثر سلبًا على جودة القرارات القضائية، ويُعيق تحقيق العدالة الناجعة.
وأوضح وزير العدل أن المحاكم المغربية تتعامل سنويًا مع حوالي 5 ملايين ملف، يُعرض على هيئة قوامها نحو 5000 قاضٍ فقط، أي بمعدل يصل إلى 1000 ملف للقاضي الواحد في السنة، ما اعتبره “عبئًا غير منطقي”. وأشار إلى أن بعض القضاة يُطلب منهم البت في 400 ملف بسرعة، في وقت يرتبط فيه الأمر بحقوق المعتقلين والمتقاضين على حد سواء.
وفي معرض حديثه عن ورش الرقمنة، شدد وهبي على ضرورة تحديث أداء المحاكم عبر تسريع رقمنة المساطر القضائية، وتعيين موظفين متخصصين في تكنولوجيا المعلومات، مؤكدًا أن الرقمنة لم تعد ترفًا، بل باتت أولوية ملحة لضمان تقليص آجال التقاضي وتحقيق الجودة المرجوة في الأحكام.
كما وجه الوزير تحذيرًا من الواقع الحالي لمحكمة النقض، قائلاً إنها أصبحت “مصبًا لكافة القضايا”، ما أضعف دورها وجعلها تعاني من تضارب الاجتهادات، مضيفًا أن “الأحكام أصبحت مسألة حظ، والناس تائهة في البحث عن حقوقها”.
وفي هذا السياق، دعا وهبي إلى قصر القضايا التي تحال على محكمة النقض على الملفات ذات الطابع القانوني الجوهري التي تُسهم في توجيه الاجتهاد القضائي وتطوير مفهوم الحق، فيما تظل القضايا البسيطة والمتوسطة من اختصاص محاكم الاستئناف، على غرار ما هو معمول به في فرنسا، حيث يُشترط الحصول على موافقة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف قبل اللجوء إلى النقض.
وختم وهبي مداخلته بالتأكيد على أن إصلاح منظومة العدالة لا يمكن أن يتحقق فقط عبر سن القوانين، بل يمر أيضًا عبر ترشيد طرق التقاضي، وإعادة توزيع الجهد القضائي، في سبيل تحقيق عدالة فعّالة، منصفة، وسريعة.