مشروع تعديل قوانين الصحافة في المغرب.. مقترحات يصفها “الحراق” بـ«نتاج الأمية والجهل بالقوانين»

tahqiqe24

مدير النشر : يونس سركوح

يستأثر مشروع تعديل قوانين الصحافة في المغرب، ولاسيما ما يتعلق بالمجلس الوطني للصحافة والنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، بجدل واسع في الأوساط الإعلامية والحقوقية. وفي هذا السياق، عبّر الأستاذ والصحافي عبد الوافي الحراق، الفاعل الإعلامي المعروف، عن مواقف نقدية حادة تجاه الصياغة والمضامين التي جاء بها المشروع الجديد، معتبراً إياه ثمرة مقترحات «نابعة من الأمية والجهل بقوانين المهنة».

وقال الحراق إنه منذ صدور مدونة الصحافة والنشر عام 2016، وجد نفسه ضمن قلة قليلة من الصحافيين الذين انتقدوا بجرأة هذه الترسانة القانونية، التي وصفها بـ«المعيبة والمجحفة والمتناقضة مع الدستور المغربي والمواثيق الدولية». ولفت إلى أن القانون آنذاك تضمن أخطاء فادحة، أبرزها مخالفته الصريحة للفصل السادس من الدستور من خلال مبدأ الأثر الرجعي، فضلاً عن المادة 16 من قانون الصحافة 13-88 التي عدّها نقطة انفجار الاعتراضات.

وأبرز المتحدث ذاته أن الوضع اليوم لا يقل خطورة، إذ جاء المشروع الجديد رقم 26.25 الخاص بالمجلس الوطني للصحافة، بحسب تعبيره، ليزيد الطين بلة، إذ «لم يتبع الصيغة المتعارف عليها في مسطرة تعديل وترميم القوانين»، مثلما جرى مع مشروع تعديل النظام الأساسي للصحافيين المهنيين رقم 25.27، بل قُدّم كأنه قانون تأسيسي جديد للمجلس، رغم الالتفاف على تسميته بمشروع «إعادة تنظيم المجلس».

وأشار الحراق إلى أن الوزير السابق محمد الأعرج بدوره سبق أن كشف جملة اختلالات شكلية تعتري هذا المشروع. كما أضاف أن القراءة المتأنية للنص تكشف أنه في جوهره «لا يتجاوز كونه قانوناً داخلياً ينظم عملية انتخاب وانتداب أعضاء المجلس الوطني للصحافة»، مبرزاً أن أكثر من 60 مادة من أصل 98 مادة خصصت فقط للإجراءات الانتخابية والانتدابية، في حين انصرفت بقية المواد نحو الوساطة والتحكيم، ولم تخلُ هي الأخرى من طابع إجرائي.

وفي تحليله للأسباب التي أدت إلى ما وصفه بـ«الانحراف التشريعي»، انتقل الحراق إلى انتقاد حاد لمن أعدّوا هذه القوانين، قائلاً إن الأمر اليوم لم يعد يتعلق بـ«أشخاص فاقدي الوعي أو نائمين كما في 2016»، بل بـ«جاهلين وأميين يفتقرون للمستوى العلمي»، متهماً إياهم بعدم التوفر حتى على شهادات جامعية عليا، وهو ما جعلهم ـ حسب قوله ـ يتجاهلون إدراج شرط المؤهل العلمي ضمن شروط الترشح لعضوية المجلس سواء بالنسبة للصحافيين أو الناشرين.

وتابع الحراق قائلاً إن هذه الاختيارات جعلت المشروع «يتجاوز صفة الفضيحة والكوارث إلى أن يُنعت بقانون الجهل والأمية»، مؤكداً أن «الجاهل لا أمل يرجى منه في الإصلاح، لأنه يدمر كل شيء أمامه ويظل متمسكاً بجهله». كما انتقد بعنف عدداً من الصحف والمواقع التي يرى أنها «تنشر الفضائح وتنتهك الخصوصية وتشجع على الإباحية حتى في أوساط القاصرين»، متهماً إياها بأنها هي نفسها من تقدمت بمقترحات تعديل هذه القوانين، واصفاً إياها بأنها باتت تشكل «النخبة المؤثرة» لدى وزير الاتصال.

وفي ختام موقفه، شدد الحراق على أن المقترحات الحالية «لا تتعارض مع الدستور والمواثيق الدولية فقط، بل حتى مع التشريعات الوطنية القائمة»، متسائلاً عن مصير مهنة الصحافة في ظل ما وصفه بـ«التخبط القانوني وغياب الرؤية».

وبينما تظل النقاشات محتدمة بين الفاعلين المهنيين والمؤسسات الوصية، يبرز أن الحاجة ملحة إلى إصلاحات متأنية وشاملة تراعي الدستور، وتحمي حرية الصحافة، وتحصن الجسم المهني من كل ما من شأنه أن يعصف بأدواره الحيوية في المجتمع.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.