تيزنيت تخطو بثبات نحو ريادة السياحة المستدامة بفضل شراكة دولية استراتيجية

tahqiqe24

هيئة التحرير،

استقبلت مدينة تيزنيت، خلال الفترة الممتدة من 18 إلى 23 يوليوز 2025، وفدا من الخبراء التابعين لمنظمة “تيتراكتيس” في زيارة ميدانية وصفت بالمحورية، في إطار برنامج التعاون اللامركزي بين المدينة ونظيرتها الفرنسية غرونوبل. وقد شكلت هذه الزيارة فرصة لتشخيص الواقع السياحي المحلي وبحث إمكانيات تطويره ضمن رؤية مستدامة تراعي الخصوصيات الطبيعية والثقافية والاجتماعية للمنطقة.

وقد جرت هذه الزيارة بتنسيق وثيق بين منظمة “تيتراكتيس” والمجلس الإقليمي لتنمية السياحة بتيزنيت، الذي لعب دورا محوريا في التعبئة والتحضير، عبر انخراط مختلف الفاعلين المحليين من منتخبين ومؤسساتيين واقتصاديين وممثلي المجتمع المدني. وقد تم التركيز، خلال هذه الزيارة، على التفكير الجماعي في سبل بناء نموذج سياحي يستند إلى حكامة تشاركية ويثمن الموارد البيئية والتراثية ويعزز الإدماج الاجتماعي للسكان، خاصة فئتي الشباب والنساء.

في تصريح له، أبرز رئيس المجلس الإقليمي لتنمية السياحة، السيد ياسر شهمات، أهمية هذا المسار الجديد الذي تنخرط فيه المدينة، مشددا على التزام المجلس بجعل تيزنيت وجهة رائدة في السياحة المستدامة، من خلال مشاريع مدروسة تعلي من شأن الإنسان والمجال في الآن ذاته. وأضاف أن هذه الخطوة تشكل تحولا نوعيا في المقاربة التنموية، حيث لم تعد السياحة مجرد نشاط اقتصادي، بل أداة لإعادة الاعتبار للتراث المحلي وبناء مجتمع متماسك ومندمج.

من جانبه، ثمن رئيس جماعة تيزنيت، السيد عبد الله غازي، هذا التعاون الدولي مع مدينة غرونوبل، معتبرا إياه نقطة انطلاق لتكريس رؤية ترابية متكاملة تتجاوز حدود المدينة لتشمل مجموع تراب الإقليم. وأكد أن ربط تراث تيزنيت الغني والمتنوع بنموذج سياحي مسؤول هو رهان تنموي يتطلب المثابرة والتخطيط طويل المدى، مضيفا أن الهدف الأسمى يتمثل في جعل الإقليم واجهة مشرقة لتراث الجهة بأكملها.

وقد تميزت هذه الزيارة بسلسلة من اللقاءات الاستراتيجية مع المنتخبين المحليين والفاعلين المؤسساتيين، شكلت مناسبة لمناقشة أبرز التحديات والإمكانات المتاحة، كما تخللتها زيارات ميدانية إلى عدد من المواقع ذات الجاذبية السياحية، من بينها المدينة العتيقة بتيزنيت، وجبال الأطلس الصغير، ومواقع النقوش الصخرية، وقرى الصيادين على الساحل، إلى جانب الواحات الحضرية، ما سمح للوفد الزائر بالاطلاع عن كثب على المؤهلات التي تزخر بها المنطقة.

وانبثقت عن هذه الزيارة مجموعة من التوصيات والإجراءات الملموسة، من أبرزها إحداث مسارات سياحية بيئية تبرز التنوع الطبيعي والثقافي للمنطقة، وتطوير برامج تكوين مهني تستهدف الشباب والنساء لتعزيز فرص إدماجهم في سوق الشغل السياحي، بالإضافة إلى إطلاق مبادرات لحماية التراث الطبيعي، مع إيلاء أهمية خاصة لصون التنوع البيولوجي.

وينتظر أن تمهد هذه المبادرة النوعية لمرحلة جديدة من التموقع الاستراتيجي لإقليم تيزنيت في خارطة السياحة الوطنية، لا سيما في ظل تزايد الإقبال العالمي على وجهات تراعي معايير الاستدامة والاحترام البيئي والثقافي. كما يرتقب أن تثمر الشراكة مع غرونوبل نقل خبرات وتصورات رائدة من شأنها تعزيز قدرات الفاعلين المحليين وتجويد العرض السياحي الإقليمي.

إن المسار الذي اختارته تيزنيت اليوم، بدعم من شركائها الوطنيين والدوليين، لا يقوم فقط على استقطاب السياح، بل يروم بناء نموذج تنموي متكامل يجعل من السياحة رافعة للاقتصاد المحلي، وأداة لحماية التراث، ومساحة لتلاقي الثقافات وتعزيز الاندماج الاجتماعي.

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.