مدير النشر يونس سركوح
يشكل مهرجان “إكودار” المنظم بجماعة “إداوكنظيف” بإقليم اشتوكة أيت باها، محطة بارزة في مسار تثمين التراث المادي واللامادي للمناطق الجبلية، حيث ينتقل من كونه تظاهرة ثقافية إلى فاعل اقتصادي واجتماعي، يساهم في تسويق التراب المحلي ودعم أسس التنمية المستدامة.
وتجدر الإشارة إلى أن “إكودار” لا يعد مجرد بناية تقليدي كما قد يعتقد، بل هو مؤسسة مجتمعية ضاربة في عمق التاريخ، كانت تمثل واحدا من أقدم النماذج البنكية التقليدية التي أنشأتها الساكنة المحلية في قمم جبلية وعرة، لتخزين مدخراتهم من المحاصيل الزراعية، خاصة الشعير والقمح، بالإضافة إلى المواد ذات القيمة العالية كالذهب والفضة والحلي، فضلا عن المنتجات المحلية مثل العسل والزيت. وقد جرى بناء “أكادير” – بصيغته المفردة – وفق هندسة دقيقة على شكل حصن محصن، لا يتوفر عادة إلا على منفذ واحد، مما يبرز عمقه الأمني والاقتصادي والاجتماعي في آن واحد.
وفي هذا السياق، يسهم مهرجان “إكودار” بالجماعة الترابية لــ “إداوكنظيف” في إعادة الاعتبار لهذا التراث المعماري والوظيفي الفريد، عبر ربطه بالتحولات المجتمعية المعاصرة، وإدماجه ضمن منظومة التنمية القروية. فهو يوفر فضاء حيويا لتلاقي الفاعلين الاقتصاديين، من حرفيين ومهنيين وتعاونيات، مما يعزز من فرص الترويج للمنتوجات المحلية والرفع من مداخيل الساكنة.
ومن خلال أنشطته الفنية والثقافية، يضطلع المهرجان بدور مهم في تقوية الهوية الثقافية المحلية، وربط الأجيال الجديدة بجذورها، كما يساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية محليا، وجذب الزوار والمستثمرين المحتملين، ضمن دينامية التسويق الترابي التي أصبحت أداة استراتيجية لتقوية جاذبية المجال القروي.
إن مهرجان “إكودار” ليس فقط احتفالا سنويا، بل هو استرجاع لروح التضامن والتدبير الجماعي، وتجسيد لذكاء جماعي استطاع أن يبتكر آليات اقتصادية ذات طابع مستدام، تواصل اليوم أداء أدوارها في تعزيز التنمية والعدالة المجالية.