الشرفاء المزيفون: بين الادعاء بعلاج الأمراض والتجوال في الشوارع والمقاهي

ياسين لتبات

بات من الظواهر المثيرة للجدل ظهور أشخاص يطلقون على أنفسهم لقب “الشرفاء”، مدعين امتلاك قدرات خارقة في علاج الأمراض الروحية والجسدية، والقيام بأعمال حماية من العين والحسد، في مشهد يجمع بين الغموض والدعاية الشخصية، ويثير الكثير من التساؤلات لدى المواطنين.

هؤلاء الأفراد يروجون لأنفسهم كمعالجين قادرين على شفاء الأمراض المستعصية، سواء كانت جسدية أو نفسية، مستخدمين طقوساً غامضة وأدعية قديمة أو رموزاً دينية. وغالباً ما يصفون أنفسهم بأنهم “ورثة أسرار الشرفاء” أو متصلون بسلالات مقدسة، مما يمنحهم هالة من المصداقية في نظر بعض المواطنين الباحثين عن حلول سريعة لمشاكلهم الصحية.

وحسب ما رصدته كاميرا تحقيق24، فإن هذه الظاهرة موجودة غالبا في الأماكن العامة، من شوارع المدن الكبرى إلى المقاهي الشعبية، حيث يقيمون علاقات مباشرة مع الناس، مستفيدين من ثقة المجتمع المحلي وتعلقه بالموروث الشعبي والخرافات. وغالباً ما تُستخدم هذه الظهورات كوسيلة للتسول، حيث يطلبون المال أو الهدايا مقابل خدماتهم المزعومة، في أسلوب يُخفي وراءه النشاط التجاري استغلال الموروث الروحي والثقافي.

الادعاء بالشفاء أو الحماية الروحية دون أساس علمي يعرض المواطنين لمخاطر عدة، منها:

  • الاستغلال المالي والتسول المموه: إذ يطلبون أحياناً مبالغ مالية كبيرة مقابل جلسات علاجية أو أدوات طقسية، مستغلين ضعف الناس وحاجتهم الروحية.

  • الإيحاء النفسي السلبي: حيث يمكن أن يؤدي الاعتماد على هذه العلاجات إلى تأجيل العلاج الطبي الحقيقي، خاصة في الأمراض الخطيرة.

  • نشر الخوف والخرافات: إذ يربطون المشاكل الشخصية بالعين أو الحسد، مما يزيد من القلق الاجتماعي ويعزز الخرافات.

إن الظاهرة تستدعي تدخل الجهات المختصة، سواء عبر حملات توعية حول خطورة الادعاءات الزائفة، أو عبر مراقبة الأشخاص الذين يستغلون الموروث الشعبي والديني لتحقيق مكاسب شخصية. كما يجب تشجيع المواطنين على التوجه إلى العلاج الطبي المؤكد والموثوق، مع احترام الموروث الثقافي وعدم الاستهانة بالمعتقدات الشعبية.

ختاما لكل ما سبق، وبينما يحتفظ الموروث الشعبي المغربي بشرفاء حقيقيين لهم مكانة اجتماعية وروحية محترمة، فإن ظهور “الشرفاء المزيفين” يطرح تحديات أخلاقية وصحية، ويستدعي وعي المجتمع وحرصه على التمييز بين التقليد النبيل والاستغلال البشع، بما في ذلك أساليب التسول المستترة. إدراك هذه الفروق هو الخطوة الأولى نحو حماية النفس والمجتمع من الأضرار المحتملة، وضمان احترام التراث دون استغلاله.

اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.