يستعد المغاربة للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في أجواء روحانية تتخللها المدائح والأناشيد، غير أن هذه المناسبة الدينية العظيمة تتحول في بعض المناطق إلى فرصة يستغلها المشعوذون وسماسرة الوهم لنشر الطلاسم والأحجبة والوعود الكاذبة.
وتتحول الأضرحة والزوايا، التي يقصدها المواطنون تعبيرًا عن الفرح، إلى فضاءات خصبة لترويج الخرافة.
يثير هذا الواقع قلقًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والدينية والمدنية، حيث يحذر باحثون في علم الاجتماع من خطورة تحويل مناسبة دينية لتجديد الصلة برسول التوحيد إلى موسم للشرك والابتزاز.
ويرى الدكتور إدريس لحميدي أن الذروة العاطفية للمؤمنين في مثل هذه المناسبات تجعلهم صيدًا سهلًا للمشعوذين الذين يتقنون اللعب على وتر الحاجة للبركة والحلول السحرية.
يشدد علماء الدين بدورهم على أن الاحتفال بالمولد النبوي يجب أن يظل مناسبة لتجديد الصلة برسالة النبي القائمة على التوحيد ونبذ الخرافة.
ويؤكد الأستاذ أحمد الثابت أن الإسلام حارب الشعوذة واعتبرها من كبائر الذنوب، معتبرًا أن استغلال ذكرى مولد النبي لنشر الوهم يناقض جوهر الرسالة النبوية.
يتواصل الاستغلال أيضًا عبر العالم الرقمي، حيث تنتشر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تروج لخدمات السحر وفك السحر عن بعد، ما يزيد من خطورة الظاهرة.
وتدعو جمعيات المجتمع المدني السلطات الأمنية والقضائية إلى التحرك بحزم لمواجهة هذه الأوكار، مشيرة إلى أن القانون المغربي يجرم النصب والاحتيال، وأن الشعوذة تمثل أبشع أشكاله لأنها تُمارس باسم الدين.
تتصاعد الأصوات اليوم مطالبة بحملات أمنية وتوعوية شاملة، تحمي المواطنين من الوقوع في شباك المشعوذين، وتصون قدسية هذه المناسبة الدينية من الاستغلال. ويبقى الأمل معقودًا على تضافر جهود المؤسسات الدينية والأمنية والمدنية والإعلامية حتى يظل المولد النبوي منارة للهدى والنور، لا موسمًا لتجارة الوهم.
